قبل قراءة هذه السطور، عليك أخى القارئ الكريم أن تعلم جيداً أنى أكن كل الاحترام والتقدير للشعب التركي ، غير أن فجاعة المشهد دفعني إلى أن أكتب هذا المقال ، من منطلق الأمانة والحرص الدائم على أن أطلع القارئ الكريم ما يطرأ من أحداث ومستجدات من وجهة نظر وتناول مختلف.

ولعل المشهد المهين الذي تعرض له الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مكتب الرئيس الروسي بمبنى الكرملين، يستوقف أي شخص في العالم، فالرجل وقف قرابة دقايق مع وفده الرفيع الذي ضم وزير خارجيته ووزير دفاعه وكبار رجال الدولة في انتظار الدخول للقاء نظيره الروسي حيث ظهرت علامات الملل والتعب على ملامح أردوغان والوفد المرافق له وهم يقفون في الجهة الأخرى من بوابة مكتب بوتين.

ولم يبدى أردوغان أي تحفظ على الأمر وسارع بالجلوس على أقرب كرسي لاستكمال فترة انتظاره التي نادراً جداً ما تظهر في اللقاءات والاجتماعات الدولية المعروفة ببروتوكولاتها الصارمة ومواعيدها الدقيقة، وربما إن تصوير المشهد وتسريبه على مواقع التواصل الاجتماعي يعطيك إيحاء بأن الإهانة مقصودة وعن سبق الإصرار والترصد.

وربما يريد القيصر “بوتين” إرسال رسالة شديدة اللهجة غليظة المراد لأردوغان فمسلسل الإهانة لم ينتهي بعد دخول قاعة الاستقبال للقاء “بوتين” بل كانت البداية للإهانة متعمدة ، بعدها استمر مسلسل الإهانة المرير ، بعدم توفير مقاعد للوفد المرافق للرئيس التركي وهذا يخالف البروتكولات المتعارف عليها دوليا في استقبال كبار الضيوف ولقاء الزعماء.

إهانة جديدة للرئيس التركي بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير عند وضع تمثال توسط بوتين وأردوغان ، والذي يمثل “عبور الروس إلى البلقان الذي جسد انتصار روسيا على العثمانيين عام 1878 والتي على إثرها خسروا كلا من صربيا ومونتينيجرو (الجبل الأسود) ورومانيا وبلغاريا”.

كما تم وضع تمثال أخر أكثر ضخامة فوق رأس الوفد التركي المرافق لأردوغان وأنه يعود للإمبراطورة كاثرين التي ألحقت الهزيمة بالدولة العثمانية 11 مرة في عهدها وقامت بضم الأقاليم التابعة للعثمانيين لدولتها، وتعمد إيقاف الوفد تحت أقدامها وخاصة وزراء الخارجية والخزانة والمالية والدفاع.

لقد عرضت عليك عزيز القارىء المشهد كاملاً وعليك أن تحكم هل هذه طريقة معاملة تليق برئيس دولة ،أو حتى تليق بضيف سافر من دولة إلى أخرى قاطعاُ ألاف الكيلومترات إن أبسط وصف لهذا المشهد هو «من يهن يسهل عليه الهوان».