الكوارث الطبيعية والأمراض لا يمكن التنبؤ بها في غالب الأحيان لكن بالإمكان مواجهة قسوتها والحد من آثارها، يجوب العالم فيروس كورونا الصيني بنسخةِ أشد فتكاً من النسخة السابقة وأنا لست مؤمن بنظرية المؤامرة لكن الشكوك بدأت تراودني هل ما يحدث عبارة عن حربِ بيولوجية بين قوتين عظيمتين أبعادها وبواعثها اقتصادية؟
لا يستطيع أحدُ الجزم بذلك الشك وبغيره من الظنون وبعض الظن إثم لكن أليس فيروس كورونا الصيني متفوق في نسخته عن كورونا السابق والذي ظهر في العام ٢٠١٢م وليت ذلك فحسب بل أن جودته تفوق جودة بعض البضائع الصينية التي يجلبها التاجر السعودي ويغرق بها السوق المحلي فمشاهد الحجر الصحي وتحول بعض المقاطعات الصينية لمدن أشباح دليلُ واضح على جودة ذلك الفيروس الذي بات يشكل تهديداً للاقتصاد العالمي وللصحة البشرية إذا تحول لوباء .

في الأزمات تكثر القصص وتتصدر الخرافة ويتعلق الفرد بقشة فلا نستغرب إن ظهرت قصص خرافية وتداولها الناس بمواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً الخرافات المغلفة بطقوس دينية أو روحية، كورونا لا يعترف بهويات الأشخاص ولا بأنتماءاتهم الدينية أو المذهبية أو الفكرية بل يتعامل مع الضحية كجسدِ قد ينجو وقد يصبح في عداد الموتى، لا يختار كورونا ضحاياه على أساس ديني أو هوية ضيقه هو مرض له أسبابه التي أدت إلى ظهوره وتطوره و هذا ما يجب أن يفهمه من يغلف الأشياء بغير غلافها الصحيح.

أسابيع تفصلنا عن موسم العمرة فشهر رمضان على الأبواب والناس ستتزاحم طمعاً في الأجر والمثوبة واحتمالات الإصابة ستكون عالية جداً إذا لم يتم تقنين أعداد المعتمرين وإلغاء الرحلات القادمة من البلدان المصابة مسبقاً فحتى هذه اللحظة لم يكتشف مصل يقضي على الفيروس وعدد الحالات التي تماثلت للشفاء أقل بكثير من عدد الحالات المصابة والمشكوك في إصابتها.

العمرة سنة وتقنينها بشكلِ يحافظ على الصحة العامة إجراء احترازي ليس ضد الدين بل يجب أيضاً تقنين صلاة التراويح عبر اقتصارها على بعض المساجد بدلاً من إقامتها بالجوامع المنتشرة بالأحياء ويالكثرتها.

هناك فتوى للشيخ عبدالله المطلق يدعو فيها المصابين بالانفلونزا الموسمية إلى الصلاة في المنازل بدلاً من المساجد لدفع الضرر غن المصلين فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح واعظم المفاسد انتشار الأمراض القاتلة بسبب سلوكيات كان بالإمكان السيطرة عليها أو على الأقل تقنينها، لو عدنا إلى التاريخ القديم لوجدنا أن تعطيل بعض العبادات لتحقيق مصالح مجتمعية لم تؤثر على عقائد الناس بل زادهم ذلك إيماناً بعقيدتهم التي تراعي حقوق الإنسان وحرياته، نحتاج في هذه الأيام إلي إعادة النظر في فقه النوازل فنوازل اليوم ليست كنوازل الأمس البعيد نحتاج لوعي لا تخالطه عواطف بائسة نحتاج لعمق في التفكير فنحنُ جزء من العالم ويجب علينا الإسهام في محاصرة ذلك الفيروس القاتل فالله لن يسألنا عن إقامة صلاة التراويح أو صلاة الجماعة لأنها محل خلاف فقهي قديم ولن يسألنا عن العمرة والصلاة في الحرم المكي والنبوي بل سيسألنا ماذا فعلنا لننقذ البشرية من الموت!.