ويتكرر اليوم العالمي للغة العربية كل عام تتكرر معه الشعارات والتغريدات والتذكير بأن العربية هي لغتنا.
كم هائل من التغريدات تخبرنا عن مزايا اللغة العربية، وليس ثمة ما يزعج في ذلك إلا أن اليوم العالمي للغة العربية ينتتهي والتغريدات تمضي، وتظل اللغة العربية غريبةً في وطنها العربي!
هل شعرتم يوماً بالغربة بين أهلكم ؟!
إن لم تشعروا به فهل تعتقدون أنه شعور سهل؟!
آنها لغة لا تشعر، لكني أعلم أنها هوية، والهوية مجد، والمجد تاريخٌ ماضٍ وتاريخٌ حاضرٌ وتاريخٌ مستقبلٍ، والتاريخ الذي يندثر ماضيه يتأرجح حاضرُه، ويسقط مستقبلُه.
تتألم اللغة العربية في صدور محبيها، تتألم فينتفضون من أجلها، كمحبٍ يغار على من يحب؛ فيكتبون لها عباراتٍ ليست عادية ينظمونها من كلماتٍ استخرجوها من لب معاجمعها.
اليوم لا أريد أن أكتب عن حبي لها، ولا أريد أن أمثلها؛ لضعف مقامي عن ذلك، إنما أريد اليوم أن أتمثلها؛ كي أُريَ الأعمى عربيتي، وأُسمِع صوتَ لغتي من به صممُ!
في يوم الثامن عشر من ديسمبر من كل عام أتذكر أنني غريبةٌ هنا!
أتذكر ذلك وأنا أشاهد بعضا من أهلي يحتفلون بي بطريقةٍ هي أقرب للتعريف بي منها إلى الفخر والتباهي … يا قومي أنا أم الإعراب، فأين موقعي منه؟!
يا قومي إني أراني بينكم وقد أمسيت لغةَ خطابٍ تُطوى حين يُطوى.
غريبةٌ أنا وأنا أسمع أحدَهم يقول عني (لغة الكرتون التلفزيوني) ليصفني لعربيٍ مثله.
غريبةٌ أنا وأنا أرى المتحدثين بي في هذا الوقت يتعرضون للسخرية من العرب نفسهم.
غريبةٌ أنا حين تصبح لغاتُ العالم نوعاً من الثقافة والتطور، في حين يراني كثيرون لغةَ الجاهلية الغابرة!
غريبةٌ أنا في وطني، غريبةٌ أنا على اللسان العربي، غريبة حين أبحث عني بين حروفي فلا أجدني.
ينتسب إلي وطن يخيل لي أنه لا انتماء بيننا إنما هي أسماء تشابهت!
ماذا أريد؟!
أريد عقولاً تنتفض من أجلي، تحارب تغريبَ اللسان العربي، أريد مجتمعاً يتحدث بي بكل فخر لا أن يخجل.
أريد ألباباً تكون معاجمي،
أريد أن أبقى
عربيةً.