لا أعلم من أين أبدأ؟

لا أعلم ماذا أقول؟

مستاءة ؟ نعم! نعم! مستاءة

على كُثر سهولة تواصلنا من خلال وسائل التواصل الإجتماعي من (واتس اب، برامج إتصال مرئية، وصوتية)

إلا أنها باعدت بين البشر أكثر وأكثر

كنا نعود المريض.. كنا نتزاور .. كنا نسأل عن بعضنا البعض .. كنا نشتاق لبعضنا البعض، ولا نفترق إلا بالأحضان والدموع، والوعد بتكرار الزيارة مرة أخرى .. كنا ننتظر إجازة نهاية العام الدراسي (إجازة الصيف) لتنفيذ خُطة السفر، والزيارات العائلية، وزيارة الأصدقاء المقربين، وحضور حفلات الزواج .. كنا ننتظر بفارغ الصبر إجازة نهاية الأسبوع لزيارة الجد والجدة .. كنا نستميت لمناسبة عيد الفطر، ونخطط طوال شهر رمضان ماذا نلبس أول وثاني وثالث يوم للعيد ؟
وماهية خطة وجدول الزيارات العائلية للعيد ؟ من الأول الأخوال أم الأعمام؟

كانت البيوت مؤهبة لإستقبال أي ضيف!!

كانت الضيافات تعتمد على البساطة كانت تعتمد على قاعدة (الجود من الموجود).. لم يكن هناك هواتف نقالة
كنا إذا ذهبنا لأحد أفراد العائلة ولم نجده بمنزله، وإذا طرقنا الباب ثلاثًا ولم يرد نترك له ورقة لاصقة على بابه أننا زرناه ولم نجده، وأننا بإنتظار اتصاله على الهاتف المنزلي للاطمئنان عليه، مع عبارة مُصطحبة بالإعتذار إذا لم يكن الوقت مناسب…
مع ترك صحن بسيط به بعض من البيتيفور أو معمول التمر..

كانوا الجيران كالأهل وأكثر نلعب مع بعض الأطفال وآباءنا وأمهاتنا يتبادلوا الزيارات مع الجيران ويتبادلوا طبق “ذِواقة” من وجبة الغداء أو العشاء! أو قطعة من كعكة العصر .. ناهيك عن صوت باب الجرس الجميل عندما ترسل الجارة ابنتها لطلب بعض من البصل أو الأرز أو الكمون .. أنهالت تساؤلات كثيرة بخاطري فقلت:

مالذي حصل؟
ما هذا التغير؟
أين كنا؟ وكيف صرنا؟

فما كانت الإجابة إلا(وسائل التقاطع الإجتماعي) هي من تسببت بذلك

نعم؟

وسائل التقاطع الإجتماعي!

هل لديك أي إعتراض عزيزي / تي القارئ/ ئة اليوم زيارة المريض تحولت إلى رسالة واتس آب! حضور العزاء تحول إلى عبارة منسوخة من قوقل مُزخرفة ومُنمقة على صورة بصيغة (GIF)!

التهنئة بالعيد تحولت من زيارات إلى رابط تضغط عليه يظهر لك عبارة (عيد سعيد) وبتوقيع اسم الشخص المُرسل!

الدعوة إلى زواج أحدهم تحول من الكروت الورقية إلى فيديو بصيغة(WMV)!

دعوة إلى مناسبة أصبحت من خلال عمل (Group) على برنامج الواتس آب وبعبارة باردة صاحبة المناسبة تكتب للمدعوات مناسبة الحفل وتاريخه ومُرفق خريطة المنزل رابط (Google Maps) مُصطحبة بأهمية كتابة اسم المُعتذرة عن المناسبة! الضيافات تحولت إلى تباهي، ولإظهار الترف ولقهر فلانة من الناس..

أصبحت المناسبات مُكلفة ومُتعبة، وأصبح من ضمن فعاليات أي مناسبة توزيعات لعبوات المياه مطبوع عليها اسم صاحبة المناسبة وتاريخ المناسبة (ما بقي غير تكتب لنا رقم بطاقة هويتها)!!!!

العشاء بعد أن كان من أيدي (ست البيت) تحول إلى بوفيه بالأمتار، وتقديم الحلويات بطريقة استعراضية حتى يكون قابل للنشر على مواقع التواصل الاجتماعي…

وأتت جائحة كورونا COVID_19 وأكملت الناقص من خلال التباعد الإجتماعي .. لست ضد التعليمات الاحترازية!! وإلى يومكم هذا وأنا أُطبقها..

كلماتي السابقة ليست ندبًا على الحظ! ولا لتقليب المواجع!

لكن!

لنقف مع أنفسنا وقفة جدية .. وقفة للتغير نحو الأفضل .. وقفة مع النفس .. وقفة لمُحاسبة الذات .. وتقليب الأوراق، وإعادة ترتيبها .. وقفة تساهم إلى لم الشمل، وتحسين العلاقات الإجتماعية بدءًا مع الأهل، والعائلة، والأصدقاء.

ماذا تنتظر /ين ؟

الآن…
نعم الآن!

أنا عن نفسي لا أنتظر شيئاً بقدر ما أنظر بتعجب لكل شيء .. لقد سرقت التكنولوجيا هويتنا كبشر وأصبحنا مجرد روبوتات بلا مشاعر للضحك نكتفي بإيموجي ضاحك بينما المشاعر اصبحت مجرد وردة أو قلب الكتروني .. ونحن فارغين خارج النطاق.. هنيئاً لنا هذه الحداثة التى غزتنا وحولتنا إلى كائنات تحمل جثثها فقط.

أهلاً بكم في عصر الأحياء الأموات (زومبي).