تعتبر ظاهرة تعاطي المخدرات من أقدم وأصعب المشكلات الاجتماعية التي تواجه المجتمعاتالحديثة اليوم وقد عرفت أقدم الحضارات المخدرات وأسرف الكثير من أفرادها في استخدامها إلا أنه في السنوات الأخيرة أصبح الإقبال عليها يتزايد بشكل كبير بالرغم من الحواجز التي أقامتها كثير من دول العالم لمنع الاتجار غير المشروع بها، الأمر الذي بات يشكل هاجسا مخيفا لكل الدول لما تسببه من تفتيت لقدراتها، وطاقاتها البشرية وإهدار لمقدراتها الاقتصادية والمعنوية.

تعريف المخدرات:
وكلمة مخدر هي ترجمة لكلمة (Narcotic (والمشتقة من اللاتينية (Narcosis (التي تعني يخدر أو يجعل مخدرا. وعرفت طبيا بأنها (كل مادة خام أو مستحضر يحتوي على عناصر مسكنة أو منبهة، من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض المخصصة لها وبقدر الحاجة إليها دون مشورة طبية أن تؤدي إلى حالة من التعود والإدمان عليها)، مما يضر بالفرد جسميا ونفسيا وكذلك المجتمع وعرف مركز مكافحة الجريمة بالمملكة العربية السعودية المخدرات علميا بأنها (مادة كيميائية
تسبب النعاس أو النوم وغياب الوعي المصحوب بتسكين الألم).

أنواع المخدرات:
للمخدرات أنواع كثيرة وأصناف متعددة تختلف باختلاف مصادرها وصفاتها وآثارها على المتعاطي، وقد صنف أحمد أبو الروس المواد المخدرة وفقا لأصل المادة التي أحضرت منها على النحو التالي:

  •  المخدرات الطبيعية ومشتقاتها: وهي جميع أنواع النباتات التي يمكن الحصول منها على
    المادة المخدرة كنبات الخشخاش (الأفيون ومشتقاته)، نبات القنب الهندي، الكوكايين القات.
  •  المخدرات التخليقية أو الصناعية: وهي مواد ليست من أصل نباتي يتم تصنيعها باستخدام
    مواد كيميائية وتحدث آثار مشابهة تماما للمخدرات الطبيعية.

مفهوم الإدمان على المخدرات
في عام ١٩٥٠م جاءت منظمة الصحة العالمية بتعريف للإدمان على المخدرات يقول أن (الإدمان حالة مؤقتة أو مزمنة من السكر ضارة بالفرد وبالمجتمع، تترتب على التعاطي المتكرر للعقار (طبيعي أو مركب)) ويعرف الإدمان على المخدرات بأنه (خدر أو سكر دوري أو مزمن مدمر للفرد والمجتمع ينجم عن تكرار استعمال المخدر). ومن ظواهره التحمل (tolerance (أي أن المدمن يتحمل جرعات كبيرة من المخدر، وكذلك يظهر على المدمن ما يسمى بسلوك البحث عن الدواء(behavior seeking drug (بأي وسيلة شرعية أوغير شرعية.

لماذا يحدث الادمان؟
يرجع استخدام المخدرات إلى عدة أسباب تختلف من مدمن لآخر، ومن دولة إلى أخرى ومن زمن لآخر وعلى الرغم من خطورة هذه الظاهرة إلا انه من الصعوبة والتعقيد التوصل إلى عوامل محدده تدفع بالفرد إلى التعاطي. ويرجع بعض الباحثين من خلال ماتوصلو له من نتائج أسباب التعاطي إلى الفرد نفسه مثل: غياب الوازع الديني والانحراف عن القيم الإسلامية السامية، اضطراب الشخصية – الشخصية المريضة عقليا والسيكو بائية والقلقة، الهروب من ضغوط الحياة والحقائق المؤلمة، مرافقة أصدقاء السوء والاقتداء بهم. بينما يرى آخرون أن للأسرة دور كبير في دفع أبنائها للتعاطي حيث تشير البحوث العلمية إلى أن أغلب المدمنين ينحدرون من اسر مضطربة ومفككه. كما يرجع باحثين آخرين الإدمان إلى عوامل اجتماعية كوفرة المواد المخدرة وسهولة الحصول عليها عن طريق المهربين والمروجين، تدفق العمالة الوافدة إلى البلاد وقد يجلب البعض منهم انحرافات وسلوكيات خطرة على المجتمع كتعاطي الخمور وترويجها، كما ترتبط ظاهرة الإدمان ارتباطا وثيقا بعملية التنشئة الاجتماعية المستمدة من بعض وسائل الإعلام، كأن يعرض البرنامج الإعلامي معلومات غير وافية أو مضلله عن المخدرات مما يعطي انطباعا خاطئا أو غير واضحا للمتلقي عن سوء استخدامها.

الأثار المترتبة على المخدرات
ويمكن إيجاز أهم الآثار الناتجة عن إدمان المخدرات على النحو التالي:
صحية: – الضعف والهزال وفقدان الشهية.            -اختلال التوازن والشعور بالصداع.
– اضطرابات القلب والرئة.                              -إتلاف الكبد والإصابة بالسرطان.
– التراخي والبلادة وقلة الحركة.                         – ضعف المقاومة للأمراض.

اجتماعية:

– تجعل المخدرات من الشخص المدمن إنسانا كسولا مهملا لأداء مسؤولياته.

-اضطراب العلاقات الأسرية وما يترتب عليها من تفكك وطلاق.

-يلجأ المدمنون عادة إلى القيام بأعمال غير مشروعة وغير أخلاقية كالسرقة
والكذب والاحتيال والشذوذ، في سبيل الحصول على الجرعة المخدرة.

-لا يمكن للفرد المدمن إقامة علاقة طيبة بمن حوله من الجيران أو الأصدقاء،
الأمر الذي قد يؤدي به إلى الانتحار للخلاص من واقعة المرير.

نفسية:  -الشعور بالاكتئاب والتخطيط الدائم للانتحار.       – عدم الاهتمام بالنفس والمظهر.
-الخوف الدائم والشعور بالقلق والتوتر.                        – العصبية الزائدة والميل الى العدوان.

 

اقتصادية: – انتشار البطالة في المجتمع مما يؤدي إلى قلة إنتاج المجتمع .
– صرف أموال طائلة على مكافحة المخدرات ومتابعتها، وكان يمكن صرف هذه الأموال في مشاريع عامة نافعة للمجتمع.

دور الخدمة الاجتماعية في مواجهة ظاهرة الإدمان على المخدرات:
تقدم الخدمة الاجتماعية ثلاثة ادوار لمواجهة الإدمان وهي: الوقاية والعلاج والتأهيل، ويعتمد الدور العلاجي على ثلاث طرق هي خدمة الفرد وخدمة الجماعة وخدمة المجتمع.
أولا: الدور الوقائي: تعني تلك الجهود الرامية إلى منع الإدمان بالفعل، عن طريق مكافحة العوامل التي تدفع بالأفراد إلى التعاطي.
ثانيا: الدور العلاجي: يقوم الدور العلاجي على ثلاثة طرق تمارس من قبل الأخصائي الاجتماعي في المصحة المتخصصة في معالجة المدمنين على النحو التالي:

ثالثا :الدور التأهيلي : ويهدف الى مساعدة المدمن المتعافي من العودة الى الإدمان ليمارس حياة سوية كمواطن صالح، من خلال تقديم الدورات التدريبيه في وحدات الرعاية اللاحقة لمساعدتهم على التكيف مع المجتمع وإعادة التوافق بينه وبين البيئة التي تحيط به.

وفي الختام نرى أن الرجوع إلى الله تعالى والتماسك بتعاليمه ومبادئه هو الملاذ الآمن للبشرية للتصدي لهذا الداء العضال، وفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى.