أكد مدير مركز لندن للدراسات العربية والمؤرخ المختص في منطقة شبه الجزيرة العربية وليام فيسي، أن الملك سعود “رحمه الله” هو الذي بنى الرياض الحديثة، مشيرًا إلى أن إعادة هيكلة وسط المدينة عكس مكانتها كعاصمة لأمة حديثة ووطن جديد يطمح إلى اللحاق بركب العالم المتقدم.

وأضاف وليم كايسي، أنه ” في شهر أبريل سنة 1953 كان القصر الطيني والمباني الملحقة به في وسط المدينة في حالة خراب وأعيد بناؤها بالحجر، وفي شهر مارس سنه 1954 اكتمل القصر الذي يقع في المدينة القصرالأحمر”.

وأشار إلى زيارة المؤرخ الإنجليزي فيلبي إلى الملك سعود “رحمه الله” في القصر، إذ قال ” لقد كان مبني من الحجارة على قسم من الناحية المتهدمة من القصر القديم الذي لا يزال برجه الكبير والجزء الرئيس منه شاخصين، أصبح كل القصر القديم خرابا يحيط بالمبنى الإسمنتي الجديد “.

وتابع أنه ” في شهر مارس سنه 1955م كان هناك مبان إضافية جديدة على نفس الموقع يجري بناؤها لقد قام الملك بشراء الكثير من المنازل وهدمها على امتداد الشارع (من المحتمل شارع الثميري) المؤدي إلى القصر ليجعل الوصول إليه سهلا. شيدت المباني الجديدة لتكون مقرا لإمارة الرياض (قصر الحكم) وقصرالعدل إضافة إلى ديوان استقبال يستقبل فيه الملك الزوار، وهو أحد الرسوم الباقية من المهام التقليدية للقصر الملكي القديم”.

وكشف حساب “الملك سعود” عن أقوال وليم، إذ تابع ” وبما أن أكثر ما يجسد عملية التحديث إعادة بناء وتوسعة الجامع الكبير، فقد هدم وأضيفت إليه مساحة كبيرة من أراضي المنازل المجاورة له، ويعد هذا من أول أعمال العهد الجديد وقام على أرضه جامع أكبر من السابق من الخرسانة وبه منارتان مرتفعتان وأروقة بارعة الجمال في تضاد حاد مع البساطة شديدة التقشف للجامع السابق، ويمضي إلى أن إعاده الهيكلة الأساسية لوسط المدينة القديم أدى إلى إعادة تنظيم السوق بداخله، وقد أدى توسع لمدينة السكاني خارج الأسوار في الوقت ذاته إلى ازدياد الطلب على البضائع. لذا فالسوق أخذ ينتشر في مساحة واسعة وقسم إلى أقسام مختلفة”.

وأردف: ” فالشوارع القديمة التي تبدأ من وسط المدينة أصبحت تصطف على جوانبها متاجر حديثة، عندما أخلت منازل الطين التي تصطف عليها المكان لمباني أخرى حديثة من الخرسانة. ورغم إعادة هيكلة مركز وسط المدينة وإعادة تصميم ميدان الديرة المركزي والشوارع الرئيسة فقد نجا بعضا من معالم المدينة القديمة بين المباني التي شكلتها الشوارع من الهدم. حافظت هذه المناطق السكنية القديمة على طابعها المعماري حتى الستينات 1960م وبعدها. وبعضها مازال موجودا في الثمانينات 1980م إلى شمال شارع الشميسي الجديد وإلى غرب الأسواق “.

واستكمل: ” وإلى هذا يرى أن تمزيق المدينة القديمة انعكس في خارجها على مستوى كبير بإنشاء الرياض الجديدة على مساحات غير محدودة من الأراض المجاورة لها وكان الملك سعود في سنة 1951م قد شرع وهو لا يزال وليا للعهد في بناء أول قصرين له في الناصرية وعمل حديقة مساحتها حوالي ثلاثة أميال غرب وشمال غرب المدينة القديمة، وعلى أن القصر الأول كان له دور مهم في تحديث الرياض فقد بني كله بالخرسانة – قصر ضخم من طابقين وسط متنزه وحدائق مساحتها مئة أكر (الأكر مقياس للمساحة يساوي نحو 4000 متر مربع) ووضعت شبكته الكهربائية مستويات جديدة للعاصمة، فحدائقه تضاء ليلا بآلاف المصابيح الملونة، وتروى من آبار عميقة، لقد كان بمثابة إعلان مبهر في بيئة الصحراء عما يمكن أن تحققه الوسائل الحديثة”.

واستطرد: ” وكان ومنذ ولايته العهد مشاركا في تسيير أعمال الحكومة وينفق على استضافة زائرية بسخاء ساعدته عليه الثروة النفطية الجديدة، ولعل أهم شيء سببه بناء قصر الناصرية هو نشوء حاجة ماسة لبرنامج بناء طريق متقدم -أول واحد في الرياض، أنشئ طريق سيارات مزدوج بوسطه أشجار على طول امتداده ويربط قصر الناصرية بقصر المربع وبالمدينة واسم الشارع في الوقت الحاضر (شارع الملك سعود) ويتفرع منه طريق يؤدي إلى محطة سكة الحديد والى المطار ” .