بحب قال الأستاذ الجامعى للطالبات:

ما دام «أول فرحتي» بينكم فأبشروا بالدرجات العالية في هذه المادة. وكان يقصد بأول فرحته ابنته البكر التي تتواجد في القاعة بين طالبات المقرر.

هذا الموقف يثير تساؤلات عديدة عن تصرف الناس إزاء أبنائهم وأقاربهم.

لا يخفى أن الأبناء كما قال الرسولﷺ«إنَّ الولد مَجْبَنةٌ مَبْخَلةٌ مَجْهَلةٌ مَحْزَنةٌ»؛ فالولد يوقع أباه في البخل إبقاءً على ماله له، وفي الجهل شغلاً به عن طلب العلم، وفي الجبن خوفاً من أن يقتل فيضيع ولده بعده، وفي الحزن لأنه يحزن لأمره وشأنه، بل إن الله سبحانه وتعالى قال عنهم «إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا»؛

فالولد قد يكون عدواً؛ لأنه المحك الأصعب في تعامل المسؤول مع مسؤوليته، وللناس في ذلك مذاهب؛ فبعضهم يتطرف ذات اليمين، فيغالي في تعامله مع أبنائه على شاكلة أستاذنا الجامعي«أبو فرحة»، وينسحب ذلك على أفراد قبيلته أو منطقته كذلك، ويؤمن بالمقولة التي يكررها بعض الناس«اللي ما فيه خير لربعه مافيه خير للناس» حتى لو كان ذلك على حساب كل شيئ محظور، وبعضهم يجعل من وجود أولاده في مسرح مسؤوليته مبرراً للتعامل القاسي معهم.

ومن ذلك نموذج الخليفة العادل عمر بن الخطاب الذي كان يشدد على عائلته أضعاف ما يفعله مع بقية الناس تحرياً للعدل والقدوة الحسنة، وأتذكر في هذا السياق أن وزيراً سعودياً سابقاً من قبيلة معروفة، أعلن أن أفراد قبيلته لن يتم تسجيلهم في وزارته على الإطلاق حتى لا يبدو منحازاً إليهم على حساب غيرهم من المؤهلين.

ومن وجهة نظري أرى أن ذلك ظلم للمميزين والمؤهلين من أبناء القبيلة، ولا أرى أن لهم ذنباً في حرمانهم من فرصة وظيفية يجب أن يتساووا فيها مع غيرهم، ولكن الوزير له اجتهاده ووجهة نظرة، ولا شك أننا نُقدّر فيه إخلاصه لعمله ومبدئه وإن اختلفنا معه.

وفي نظري أن من يمسك العصا من المنتصف هو الذي نصفق له، فالتعامل مع الناس يجب أن يكون بعين مجردة تماماً من العاطفة؛ فلا أنحاز من أجل عصبتي، ولا أقسو عليهم من أجل كونهم أبنائي أو أقربائي أيضاً، ولكن من يستطيع أن يفعل ذلك في مجتمع يرى أن معاملة الأبناء والقبيلة وأبناء المنطقة الواحدة يجب أن يختلف عن غيرهم، من مبدأ«اللي ما فيه خير لربعه ما فيه خير للناس»؟.