أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل غزاوي المسلمينَ بتقوى الله عز وجل في السر والعلن ابتغاء مرضاته سبحانه.

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: إن من آيات الله الباهرة والمخلوقاتِ البديعة التي هي محل للتفكر والنظر “الطيرَ” ذلك المخلوق العجيب الذي قد جعل الله له من الخصائص والسمات ما يمتاز به عن غيره، ويدل دَلالة واضحة على كمال قدرته سبحانه، وبديع صنعه.

ومضى فضيلته قائلاً: الطير أمة من الأمم فهو جماعات وأجناس مماثلة لبني آدم في الخلق والرزق والحياة والموت والحشر، ومتى طغى بعضها على بعض أو ظلم بعضها بعضا حوسبت يوم القيامة واقتص من ظالمها لمظلومها، وإن لم يكن من قصاص التكليف إذ لا تكليف عليها، بل هو قصاص مقابلة؛ ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لَتُؤَدُّنَّ الحُقُوقَ إلى أهْلِها يَومَ القِيامَةِ، حتَّى يُقادَ لِلشّاةِ الجَلْحاءِ، مِنَ الشَّاةِ القَرْناءِ” وبعد أن يحكم الله بين الدواب بحكمه العدل يجعلُها ترابا.

وأوضح الشيخ الدكتور فيصل غزاوي أن الطير تسبِّح ربها كما تسبح المخلوقاتِ كلَّها فأين الغافلون عن ذكر الله وهذه المخلوقات كلها ناطقُها وجامدُها خاشعةٌ ذليلةٌ تسبح الله وتتجه إليه لا إلى سواه في تناسق بديع ونظام عجيب , والطير تسجد لخالقها كما أن كل شيء يسجد لعظمته طوعاً وكرهاً.

وأشار إلى أن هذه الطيور تُعلِّم الناسَ دروساً وعبراً تفيدهم وينتفعون بها في حياتهم، ففي قصة قابيل الذي قتل أخاه هابيل دروس كثيرة منها: إلهام الله ذلك الغراب أن ينزل ويثير الأرض ليدفن فيها غرابا ميتا؛ ويُعَلِّمَ قابيلَ كيف يسترُ بدن أخيه، قال تعالى: “فبعث الله غرابًا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه”.

وبين إمام وخطيب المسجد الحرام أن الطير مثال عظيم للتوكل على الله وهذا لا يعني أن يقعد الإنسان عن العمل والاكتساب، منتظراً الرزق، بل عليه أن يبذل السبب؛ فهذه الطيور لا تبقى في أوكارها تنتظر رزق الله، بل تخرج في الصباح وتتسبب وتتكسب، ثم بعد ذلك ترجع في آخر النهار ممتلئة البطون.

وقال من توكل على الله حق توكله ارتبط قلبه بالله، وعلم أن الاكتساب والغنى والتحصيل لا يكون بما أوتي من ذكاء وطاقة ومهارة وحرفة وصنعة، وما أشبه ذلك، وإنما يعتقد جزماً أن الله هو مسبب الأسباب، وأن أزمّة الأمور في يده، فيتوكل عليه ويبذل الأسباب بطلب الرزق من وجه حلال، والله الغني الرزاق المتكفل برزق العباد، وهو إلى مشيئته فمن شاء وسع عليه في رزقه وأكثر ومن شاء ضيق عليه رزقه وقتر، وكل ذلك وَفْق حكمته فيما قضى وقدَّر.