لم يكن يدر بخلد المجتمع أن مسرحنا الوطني سيعود إلى الحياة بعد عقودِ من الموت السريري فبالأمس تم تدشين المسرح الوطني وانطلقت دورته بمسرحية  درايش النور التي حضر فيها الوطن ككل ودشنت معها مأسسة المسرح بشكلِ حديث ، تاريخنا القديم جميل فلو فتشنا بالذاكرة لوجدنا أن أول نصِ مسرحي مكتوب كان بعام  1932م وكان بقلم الشاعر حسين عبد الله سراج ، وأول مسرح بالمفهوم الحديث كان من إنشاء الأديب المؤرخ أحمد السباعي المتوفى عام 1404ه وحمل إسم دار قريش للقصص الإسلامي لكن ذلك المسرح لم يكتب له الاستمرار فغضب المتشددين ووقوفهم ضد الفنون حول الدار لنزل تسكنه الأشباح ، المسرح أبو الفنون وبوابة النهوض الفني وطريقة ممتازة للمحافظة على الإرث الثقافي والتواصل الحضاري ، مسرحنا السعودي لم تستطع جمعيات الثقافة والفنون المحافظة عليه وتحقيق الفائدة المرجؤة منه فالنصوص والأداء والفعاليات واوقات العرض جميعها كانت تصب في خانة الفشل والسبب عدم وجود جهةِ أكاديمية تصقل المواهب وتراقب المشهد عن كثب فضلاً عن الخوف من سطوة التشدد وهذه عقدتنا في العقود الماضية ، لقد استغلت الفئة المتشددة المسرح المدرسي الذي كان بمثابة خزان الوقود للمسرح العام فحولته لمنصةِ تقدم الهرطقة والسموم والقصص الخرافية وتنشر أدبيات الإسلام السياسي بطريقةِ كان يقال عنها إنها كوميدية ؟

يجب ألا تُنسينا الفرحة بعودة المسرح حقائق كارثية فالمسرح بوجهِ خاص والفنون بوجه عام لن تقوم لها قائمة طالما بقيت أسيرة لمواعظ مراهق يعيش عقله بالقرون الوسطى ولن تقوم لها قائمة والعنصر النسائي غائبُ بدعوى الجاهليةِ الأولى التي ترى في وأد الأنثى حياة ونجاةُ من العار ،ولن تقوم لها قائمة وهي بعيدة كل البعد عن المناهج التعليمية والمدارس الأكاديمية فبالتعليم تنهض الأمم وبه ينهض كل شيء مرتبط بالإنسان والمكان .

مسرحنا السعودي يعود وفي عودته حياة فالفنون ترياق التخلف ومصل مضاد للتطرف ووسيط حيوي لنقل الأفكار ووسيلة استثمار وجذب سياحي وطريقة جيدة للمحافظة على الوقت والعقل فمن وسط المملكة شع نور الفن وانقشعت سُحب كل يظن البعض أنها باقيه وتتمدد في سماءنا فمن اللحد إلى المهد ظاهرة سعودية وتاريخ يُحكى للأجيال القادمة.