تمر الأيام وتختلف العصور وتتقدم البشرية ومع هذا كله تظل الفيروسات شيئا مخيفا يؤرق النفوس والأبدان. وكما لا يخفى على الجميع فإن البشرية جمعاء تعيش هذه الآونة حالة هلع وخوف من فيروس كورونا الجديد (الفيروس التاجي، كوفيد-19). والذي تتنافس الدول والهيئات والمنظمات في البحث عن ماهيتة وطرق الوقاية والعلاج منه.

فيروسات كورونا هي عائلة من الفيروسات التي تسبب عادة أمراض الجهاز التنفسي للحيوان والإنسان وتشمل الفيروسات المسؤولة عن نزلات البرد الشائعة والأمراض الأكثر خطورة مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية ومتلازمة الجهاز التنفسي الحادة الشديدة.

تنتقل الفيروسات إلى البشر بطرق مختلفة وتهاجم أجهزة متنوعة في الجسم، وبناءً على التجارب السابقة مع مثل هذه الامراض فإنه من غير المحتمل أن يصاب الأشخاص بالفيروس من خلال الغذاء، وخطورة انتقال فيروس كورونا عبر الغذاء ضعيفة ولم يتم توثيقها لكن هناك مخاوف من أن يحدث عبر التلوث الخلطي؛ حيث تنتقل فيروسات كورونا في الغالب بين الحيوانات والأشخاص ومن الاتصال من شخص لآخر.

 وقد ذهبت منظمة الصحة العالمية إلى أن الفيروس ينتشر بشكل عام من شخص لآخر عبر قطرات الرذاذ من الجهاز التنفسي خلال العطس والسعال والحديث.  وعلى الرغم من أن الإصابة قد تحدث عن طريق لمس سطح أو جسم ملوث بالفيروس ثم لمس الفم أو الأنف أو العين لكن لا يُعتقد أن هذه هي الطريقة هي الطريقة الرئيسة لانتشار الفيروس. وكذلك فمع أنه قد يحدث التلوث الخلطي من الأسطح الصلبة مثل مقابض الأبواب وأواني الطهي وأسطح المطابخ والطاولات، لكن هذا الخطر منخفض؛ وذلك نتيجة لضعف قدرة هذه الفيروسات على البقاء على قيد الحياة وبالتالي فاحتمالية خطورة انتقالها من المنتجات الغذائية أو العبوات التي يتم شحنها على مدى أيام أو أسابيع في درجات الحرارة المحيطة إلى الانسان منخفض جداً. كما أن هناك اتفاقا بين المختصين على أن فيروس كورونا الجديد لا يعتبر من الأمراض المنقولة بالغذاء، وهذا ما أكدته المنظمة الدولية للأغذية والزراعة.

هذا ويُعَرّف العلماء المرض المنقول بالغذاء بأنه أي مرض يكون الغذاء سبباً في انتقاله، ومن الفيروسات الرئيسية التي تنقلها الأغذية هي تلك التي تصيب الجهاز الهضمي وتفرز في البراز، وفي بعض الحالات، في القيء ومنها فيروس التهاب الكبد الوبائي نوع أ، ونوروفيروس الذي يسب التهاب المعدة والأمعاء. كما أن هناك فيروسات أخرى ارتبطت بالغذاء مثل التهاب الكبد الوبائي نوع اي، والفيروس المسؤول عن شلل الأطفال والفيروسات المعوية وفيروسات الروتا. ومن الناحية النظرية فإنه من الممكن أن ينتقل فيروس كورونا الجديد عن طريق الغذاء ليصيب الجهاز التنفسي ولكن وكما هو معروف، فإن خطر انتقال العدوى عن طريق الأغذية أقل بكثير من قطرات الرذاذ الخارجة من الجهاز التنفسي للشخص المصاب.

يبقى التساؤل عن قطاع صناعة الأغذية والمشروبات وآلية ضمان سلامة الغذاء المُتبعة فيها ومكان العمل وصحة العاملين. في حين أنه لا يزال هناك عدم يقين بشأن مدى تأثير الفيروس على القطاع، وعدم توفر المعلومات التي ترجح انتقاله عن طريق الغذاء او مواد التعبئة والتغليف. فهذا لا يعني عدم احتمالية انتقاله من العاملين او متداولي الأغذية المصابين في المنشآت الغذائية، لذلك لابد من وجود إجراءات فعالة ومراجعة للسياسات الداخلية لمنع انتشار مسببات الأمراض بالمنشآت الغذائية بشكل عام. فمن الوارد أن يقوم متداولو الأغذية المصابون بنقل الفيروس إلى الأغذية التي يتم تحضيرها عن طريق السعال أو العطس أو عن طريق الملامسة باليد.

ومع هذا فإنه إذا اتبع متداولو الأغذية في المنشآت الغذائية أو المنزل ممارسات النظافة الشخصية الجيدة التي تقلل من خطر انتقال معظم الأمراض التي تنقلها الأغذية فإن ذلك سيحد من خطر انتشاره. إضافة الى ان فيروسات كورونا لا يمكن أن تنمو في الغذاء، فهي تحتاج إلى مضيف (حيوان أو إنسان) لتنمو خلاله. تذكرالدراسات السابقة أن الطهي لمدة 30 دقيقة على الأقل عند 60 درجة مئوية يقتل السارس، وهو فيروس من نفس العائلة الفيروسية ومماثل لفيروس كورونا الجديد.

وكذلك  يجب التأكيد والحرص على اتباع الممارسات الصحية المعتادة لحماية الصحة العامة من خلال تقليل أو منع تلوث الأغذية بغسل اليدين واستخدام المعقمات. وكذلك التنبه إلى أين تقع اليدان، وماذا تلمس بعد لمس الأنف أو الفم.  وفي النهاية نود القول بأن كورونا الجديد فيروس له درجة من الخطورة لا ينبغي التهوين من شأنها ولا المبالغة والتهويل فيها بل نقف وقفة الحيطة والحذر بأخذ السبل الوقائية الممكنة، وتجنب ما من شأنه نقل العدوى، ونسأل الله السلامة للجميع.