جميعنا يعلم أن من سن الرحلتين رحلة الشتاء والصيف هو هاشم بن عبدمناف جد نبينا الكريم واسمه الحقيقي عمرو وسمي بهاشم لانه كان يهشم الخبز أي يفته في اللحم فيجعله ثريداً ثم يتركه ليأكل منه الناس ، تلك السنة الحسنة ذُكرت في كتاب الله في سورة قريش فقد كان لها أثرُ كبير على الصعيد الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي آنذاك ، السُنة الحسنة تبقى كعلامة بارزة وإن اندثرت بعض ملامحها فالمجتمعات تتأثر وتؤثر وتتناقل فيما بينها المُفيد والجديد ، نحنُ في وطنِ له قيمة تاريخية ومعنوية لا مثيل لها وطن متنوع جغرافياً ومستقر سياسياً ومُزدهر اقتصادياً وإن كانت هناك بعض الهنات الطبيعية والتي لا يخلو منها أي بلد و تحتاج لعلاج عاجل وسريع كالبطالة والسكن وجودة بعض الخدمات فالوضع العام مؤطر بالازدهار والنمو يواصل ارتفاعه بخطواتِ مبشرة بالخير ، تلك المقومات السابقة الذكر قل أن تتوفر في بلد فالازدهار والاستقرار والتنوع الجغرافي ثروة لا تُقدر بثمن ، لو تم استغلال التنوع الجغرافي الذي يصاحبه تنوعُ مناخي لحققنا رقماً صعباً في السياحة ولتحقق تقدمُ هائل في الخدمات والدخل الوطني ولأصبحت فرص العمل متوفرة ولتحولت مدننا لمدنِ مزدحمة بالسياح من الداخل والخارج وكأنها خلية نحل ، هناك مناطق ومدن نائية كالليث والباحة “تهامة وناوان “والقنفذة ومحايل الخ تشد إليها الرحال شتاءً بحثاً عن الطبيعة الساحرة والأجواء الدافئة باستثناء الباحة التي يشد إليها الرحال صيفاً وشتاءً ، تزدحم أودية تلك المدن وجبالها وسهولها وشواطئها بالمتنزهين وتتسابق البلديات لتنفيذ مهرجانات تسوق وترفية مكررة في محاولةِ لإرضاء الزوار الذين يستغلون إجازة منتصف الفصل الدراسي لقضاء بعض الوقت بتلك المدن المعتدلة شتاءً ، ماذا لو تم تنفيذ برامج سياحية واسند الأمر إلى هيئة الترفيه وهيئة السياحة والتراث الوطني ودخلت تلك المدن على خط مواسم السعودية مالذي سيحدث ؟
الذي سيحدث وهو ليس بخيال اعادة بعث رحلتي الشتاء والصيف من جديد بطريقةِ مبتكرة وحديثة فبعدما كانت الرحلتين شتاء باليمن وصيفاً ابان العهد الجاهلي بالشام ستصبح شتاءً بتهامة من ناوان وحتى الليث ومن المخواة إلى بارق والمجاردة والدرب مروراً بالقنفذة ووديان الساحل وصيفاً ستكون بقمم السراة ابها والباحة والطائف ، ستكون الجنوب وتهامة والساحل على موعد مع التنمية والازدهار وتوفر فرص العمل والخروج من دائرة قلة فرص العمل وارتفاع نسبة الفقر وتردي الخدمات الخ ، نحن نعيش بدولةِ طموحة ومن الطبيعي أن تكون طموحاتنا كبيرة تعانق عنان السماء ومثلما ابتدع وابتكر هاشم بن عبدمناف رحلتي الشتاء والصيف فكلنا آمل أن يُعيد محمد بن سلمان مهندس الرؤية ضبط البوصلة وإحياء تلك الرحلة بطريقةِ سعودية فريدة تبقى ما بقيت السموات والأرض فالسياحة صناعة واستغلال التنوع الجغرافي صناعة لا يتقنها إلا الكِبار .