أجمعت التحليلات السياسية في وسائل الإعلام الأجنبية في تحذيرها من تداعيات اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني.

من جهتها، نبّهت صحيفة “الغارديان” البريطانية من أنّ اغتيال سليماني ينذر بفتح فصل جديد مريع في الشرق الأوسط، مؤكدةً أنّه سيكون لاغتيال “الجنرال الإيراني القوي” تداعيات بعيدة المدى بالنسبة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وشدّدت الصحيفة على أنّ “أحداً لا يستطيع أن يتبنأ إلام ستؤول الأمور”، معتبرةً أنّ “لا شيء في الأفعال التي أقدم عليها دونالد ترامب في الشرق الأوسط حتى الآن يدل إلى أنّ اغتيال سليماني بطائرة مسيرة خارج مطار بغداد يمثّل جزءاً من خطة مدروسة”. وتابعت الصحيفة واصفةً اغتيال سليماني بأنّه إعلان صريح للحرب على “قوة إقليمية جوهرية”.

وفي هذا الصدد، رأت المسؤولة السابقة عن تنظيم السياسات ، كريستين فونتينروز، أنّ سليماني مثّل “هدفاً سانحاً” بالنسبة إلى الولايات المتحدة، باعتبار أنّ الولايات المتحدة كانت تعلم أنّه “سيتواجد في مكان يمكنها ضربه وأنّ الفرصة لن تسنح لها في سنة مقبلة”. وفي حين طرحت فونتينروز إمكانية رد المجموعات المسلحة المدعومة الإيرانية فوراً انتقاماً لنائب رئيس “الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس، رجحت أن تنتظر إيران قبل اختيار الوقت والمكان والطريقة المناسبة للرد “مجدداً ومجدداً وربما على مدى السنوات القادمة”.

وأوضحت فونتينروز قائلةً: “أعتقد ربما أنّهم سيحاولون ضربنا في مناطق أخرى في العالم، ربما في غرب أفريقيا وربما في أميركا اللاتينية لبعث رسالة بأنّهم قادرون على الوصول إلينا في كل مكان وبأنّه لا ينبغي لنا أن نشعر بالأمان أبداً”، مستبعدةً اندلاع حرب. في المقابل، قالت فونتينروز: “أعتقد أننا سنشهد على سلسلة ضربات غير متماثلة وشبه غير متوقعة ضد مصالح بعضهما البعض (الإيرانيون والأميركيون)”.

بدوره، نقل موقع “المونيتور” الأميركي عن مسؤول أميركي قوله: “نحن غير مستعدين لتداعيات هذا القرار”، محذراً من أنّ إيران قد تسعى إلى استهداف القوات الأميركية في العراق أو السفارة الأميركية في بيروت.

وفي حديث مع مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، نبّه الخبير في شؤون الشرق الأوسط، سيث جونز من “أنّنا نقترب من مرحلة سيكون فيها احتمال اندلاع حرب متصاعدة ومواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران كبيراً جداً”. وقال جونز: “الشرق الأوسط مشتعل أصلاً بسبب النزاعات والحركات الاحتجاجية واسعة النطاق، إلاّ أنّ الأمور قد تزيد سوءاً، بل قد تصبح سيئة جداً”.

وشرح جونز قائلاً: “أولاً، يحيّد الهجوم أهم شخصية عسكرية إيرانية”، مضيفاً: “منذ الحرب الإيرانية-العراقية، ركزت إيران سياستها الخارجية على بناء قدرتها غير المتماثلة- لا سيما فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني”. وتابع جونز: “قاد سليماني جهود إيران لبناء قدرات ما يصل إلى 280 ألف مقاتل في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وأفغانستان وباكستان وتوسيع نفوذ إيران في الشرق الأوسط”، مؤكداً أنّ سليماني أشرف شخصياً على توسّع نفوذ إيران. وقال جونز إنّ مقتل سليماني سيسدّد ضربة لاستراتيجية إيران غير المتماثلة.

من جانبه، قال روبرت مالي، الذي شغل منصب مساعد الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط في عهد باراك أوباما، إن ترامب أعلن عملياً، الحرب على إيران، مضيفاً: “الرئيس، الذي وعد بمنع وقوع أية حرب أميركية أخرى في الشرق الأوسط، قام في الواقع لتوه بإعلان هذه الحرب. الضربة، التي تزعم إدارة البيت الأبيض، أنها تهدف إلى ردع الهجمات الإيرانية، ستؤدي بالتأكيد إلى زيادة هذه الهجمات”. وأعرب مالي، الذي يشغل حاليا منصب رئيس مجموعة الأزمات الدولية، عن ثقته بأن عملية اغتيال سليماني “تمثل بدون شك ضربة خطيرة لإيران”. وأضاف: “لكنها أيضا ضربة شديدة لأي أمل في تراجع التصعيد الإقليمي”.