هنيئا لك ياوطني الحبيب بعيد ليس كأي عيد !!

هنيئا لك وأنت تتمتع بنسمات الحرية من جديد بعد سنين من غيابك في معتقلات من ابتلينا بهم وسرقوا سنين من عمرنا وأسرونا داخل منهج ظاهره صحوة وباطنه غيبوبة استمرت لأربعين عاما وغيبونا عن العالم المتحضر بكل مافيه من إبداعات إنسانية وعلوم بشرية !!

كان وطني في ريعان شبابه يملك كل المواصفات التي تجعل منه بلدا متحضرا ومتطورا يشار إليه بالبنان فحوت أرضه عقولا ناضجة طموحة فتح الله لهم كنوز أرضهم فتهيأت لهم كل أسباب النجاح والرقي والتحضر وفجأة نزل علينا هؤلاء كالمصيبة من السماء واختطفوا وطننا ليملأوه بشتى أنواع المحرمات والممنوعات وللأسف باسم الدين ظاهرا ولصالح منهج منتقى متشدد جعلنا مجتمع متخلف ومتوجس من كل جديد يأتي من بعيد !!

استغلوا تعاطف الناس معهم لأننا شعب مفطور على حب الدين والتمسك به واستغلوا كذلك الزلزال الذي أصاب مجتمعنا تأثرا بفتنة جهيمان وثورة الخميني واستغلوا غض أولياء أمرنا النظر عنهم والذين تعاملوا معهم بحسن نية معتقدين أنهم سينصرون الإسلام وسيعيدون للدين مكانته وسيساعدون في خلق الصورة الحقيقية للمسلم المثالي ولكن وبعد سنين من سطوتهم وتحكمهم في شتى مفاصل المجتمع خرج لنا جيل مشوها فكرا و منهجا وعملا !!

احاطونا بمختلف أنواع المحرمات ووضعوا حولنا سورا لننعزل عن العالم ولم يكتفوا بذلك بل تمادوا في معاداتهم وكرههم للآخرين فخونوهم ثم دعوا لحربهم ثم ارسلوا أبناءنا المغرر بهم والذين عقدنا عليهم الأمل لبناء الوطن ليتحولوا إلى قنابل بشرية تفجر وتقتل الأبرياء وتدمر الحجر والبشر !!

حاربوا العلوم الطبيعية التي هي أساس بناء العقول والحضارات والتقدم وقزموها بأن أسموها العلم غير النافع !!

أما العلم النافع في نظرهم والذين سعوا لنشره داخل بلادنا فهو العلم المبني على الخرافات والأكاذيب والخرافات والدجل والقصص الأسطورية فكذبنا النظريات العلمية التى تعتبر من أبجديات المعرفة والتي لا ينكرها الا جاهلا مرورا بكروية الارض وانتهاء بالتحكم في جنس المولود !!

سعوا جاهدين ليقنعونا بأنهم أصحاب العقول السليمة والآراء السديدة والفتاوى المحكمة التي لا ينكرها الا ضال فصدقهم معظم الشعب بنيته الطيبة وتعاطفه مع كل داع باسم الدين فكثر الدجالون والمشعوذون وادعوا قدرتهم على علاج كل الأمراض المستعصية والتي عجزت عن إيجاد علاج لها كبرى المعامل ومراكز الأبحاث والجامعات في الغرب حتى صار بعض المغيبين من شعبنا يذهب لجاهل لم يفرش أسنانه قط ليبصق في وجهه من أجل العلاج والشفاء !!

بدأ الوطن رويدا رويدا يسقط فريسة في براثن هؤلاء حتى أيقن العالم بأننا مثال حقيقي للتخلف والرجعية والتزمت والعنصرية ضد المرأة وضد أصحاب الملل والنحل الأخرى وضد مبادئ الإنسانية والعدالة والتسامح والحرية !!

استمروا وتمادوا في نهجهم فمنعونا وخوفونا من كل ثقافة أجنبية وحاولوا اقناعنا بكل الطرق أننا مع تخلفنا في كل المجالات فنحن مستهدفون وأن ديننا ( الذي انتقوه ) مستهدف أيضا وأن لا مجال لنا للعيش الكريم الا أن نعيش في كنفهم ونطيعهم ونلتف حولهم ونساندهم ونقدسهم ونقتدي بهم ونخرس كل من يشكك في منهجهم حتى أصبح السؤال أو الاستفسار أو محاولة الفهم واستخدام العقل ذنب يؤدي بالمسلم الى الالحاد !!

حاول المخلصون من أبناء بلدي طوال السنين الماضية كشف الصورة المزيفة للدين الذي صنعها أصحاب هذا المنهج فلجأوا لأولياء الأمر للحد من سلطتهم وتحكمهم في حياة الناس فكانت هذه جريمة لا تغتفر فجرموهم بتهمة شق عصا الطاعة وأحداث شرخ في نسيج الوطن وتأليب الناس على ولي الأمر فاسكتوهم بحكم مكانتهم التي حظوا بها فاحتكروا هم فقط واجب مناصحة الحاكم باسم( المناصحة السرية ) التي لم يسبقهم إليها أحد من العلماء المتقدمين والمتأخرين فاخرسوا وغيبوا أصوات كل مخلص ولم يكتفوا بذلك فألبوا عليهم ولاة الأمر والشعب حتى امتلأت السجون والمعتقلات بالأحرار والمخلصين !!

لم ييأس المخلصون من أبناء هذه البلاد فاتجهوا بأصابع اتهامهم لهؤلاء مباشرة فجرموهم بتهمة أخرى وهي التشكيك في علماء الأمة وخلقوا لنا من خلال منهجهم الجديد قاعدة من نسيج عقولهم يسومون بها هؤلاء العذاب فكانت قاعدة ( لحوم العلماء مسمومة ) وهي قاعدة لا أصل لها في كتاب الله ولا سنة نبيه بل هي عبارة اخترعها أحدهم ليسوق لهؤلاء ولإضفاء هالة من القدسية عليهم !!

ولم يكتفوا بذلك فجهزوا أبواقهم لمحاربة كل مخلص ورميه بشتى التهم بدأ من العلمانية والليبرالية وانتهاء بالالحاد والردة ونصبوا مقاصلهم ومشانقهم للطرف الأخر لضربهم وتعذيبهم وسجنهم وقطع رؤوسهم وصلبهم وكل ذلك باسم الدين والفضيلة !!

مرت السنون بعد السنين وبلدي يرزح تحت سطوة هؤلاء وابناؤه يعانون في حياتهم التي أصبحت المحرمات المخترعة تملأ أرجاءها ولتتحول الصورة المثالية للشاب السعودي من ذلك الشاب الذي يحمل سماعة طبية أو أداة هندسية أو قلما وكتابا ساعيا لنهضة بلاده وبنائها فإذا بالصورة تتغير ليصبح الشاب المثالي في مجتمعنا هو ذاك الشاب طويل اللحية قصير الثوب ممتشكف الكلاشينكوف وأكبر أمنياته الشهادة في سبيل الله !!

ليتحول أبناؤنا إلى مرضى نفسيين كارهين للحياة ومقدسين لثقافة الموت للتخلص من حياتهم البائسة فتعلقوا باسطورة حور العين فانطلقوا لتفخيخ مؤخراتهم في سبيل الله !!

والبعض ضاق ذرعاً بكل هذا الضيق والتزمت فتخلى عن دينه وانطلق عابثاً في حياته بلا هوية واضحة ولا مستقبل مضيئ !!

أما النساء فقد اقتنع قسم كبير منهن بما بما أوهمهن به هؤلاء بأنهن سبب بلاء الأمة ومصدر شرورها وبداية عهرها وانحلالها فصدقن الكذبة واصبن ( بمتلازمة استكهولم ) فاندفعن لتدين متشدد وتفرغن للعبادات بشتى أنواعها لعلهن ينلن رضى الله ويخففن من غضبه عليهن وخصوصا أنهن أكثر أهل النار وانعكس ذلك على بيوتهن وامتلأت بالمشاكل اليومية بسبب تشددهن في تربية أبنائهن وكثرت حالات الطلاق لأن الكثير منهن رفضن العيش مع زوج لا يؤدي صلاة الجماعة في المسجد أو يستمع للغناء !!

والبعض الآخر منهن تمردن على هذا الدين الذي حرمهن الكثير من حقوقهن وجعلهن شماعة لكل مصيبة تحدث في المجتمع فاخترن حياة الحرية المحرمة ومارسن شتى أنواع الرذائل !!

وفي ظل هذا المنهج الديني المشوه أهتم كثير من الشعب المخدوع والمغلوب على أمره بالانغماس في ممارسة الطقوس الدينية دون اهتمام بالتعاملات الأخلاقية فانتشر في عهد هؤلاء الظلم والسرقات والرشاوي والفساد حتى فاحت رائحته في كل أرجاء الوطن !!

في ظل هذه الأجواء الكئيبة وفي عز سطوتها قيض الله لهذه البلاد قيادة حكيمة عرفت الداء ووضعت الدواء فكانت الثورة البيضاء ضد واقعنا الموبوء التي قادها سلمان الحزم ونجله الجهبذ محمد فمدوا أيديهم لهذا الوطن وأبنائه لينتشلوهم من هذا الواقع المرير ويحرروهم ممن استعبدوهم ولوثوا عقولهم سنين طويلة !!

لم يأت حكامنا بدين جديد بل أعادوا لنا ديننا الحقيقي المختطف ..
دين السماحة والمحبة والتعايش السلمي مع كل الأطياف ..

دين ( افعل ولا حرج ) وليس دين الأصل فيه هو الحرام والاستثناء هو الحلال !!

إن من يعتقد أن الحفلات الغنائية وقيادة المرأة للسيارة وفتح دور السينما هي غايتنا وغاية طموحنا فهو واهم فالسينما والحفلات كانت موجودة قبل هؤلاء في بلادنا ولم تكن من المحرمات أو الممنوعات أما قيادة المرأة للسيارة فهو حق طبيعي أعيد لأصحابه بعد أن سلبه منهن حراس الفضيلة الأدعياء !!

كل هذه الارهاصات ماهي الا مقدمة لما هو أهم .. فبلادي التي غيبت عن سباق التحضر والمعرفة ستنفتح على العالم بوجهها الجديد المشرق وسنستقبل كل الثقافات والعلوم المفيدة دون وصاية من أحد وسنشكل بكل حرية ثقافتنا الخاصة البعيدة عن العنف والكراهية وسنعيد للعالم عهود أجدادنا العظماء الذي وقف العالم يوما تحية واكبارا لانتاجهم العلمي الذي شكل لبنة قوية في استمرار الحضارات الإنسانية !!

لن نعادي أحدا باسم الدين الا من رفع علينا سلاحا
لن نحرم ما احل الله لنا من علوم ومعارف وفنون وكل ماهو اضافة لنا كشعب ووطن !!

يقول العلماء أن الكائن الحي يكون في أشد حالاته عدائية وهو يحتضر !!

لذلك فإن هؤلاء وبعد أن دارت عليهم الدوائر وانكشف للشعب حقيقة منهجهم الهش وخصوصا عندما أصدر ولي الأمر أمره فتسابقوا في مأدبة عشاء جماعي لابتلاع فتاواهم السابقة التي اجتروها من عقولهم السقيمة ثم بدأوا يتخبطون فى ردات فعلهم من هول الصدمة فحللوا لأنفسهم ماحرموه علينا وبدأوا فى حملة يائسة لانتقاد قرارت ولي الأمر والتأليب ضده بكل غباء وعدائية حتى أن أحدهم لمح تلميحا لا يخفى على ذي لب عندما قارن الملك سلمان بالمأمون الذي اتهم بمعادة الدين وأهله !!

وأقول لهؤلاء إن كنتم قد استوليتم على عقولنا سنين بسبب جهلنا فأن الأجيال الجديدة قد استفادت ولم تعد تنطلي عليهم لعبتكم وسيحاربونكم بسلاح العلم والمعرفة الذي سفهتموه من خلال منهجكم !!

وإن كنتم تدعون أنكم أصحاب الخلق والفضيلة فكلاهما صفتان متأصلتان في أبناء هذه الجزيرة منذ زمن الأجداد رضعوهما مع حليب أمهاتهم وليسوا بحاجة لوصايتكم ..

لقد عاصرناكم سنين واطعناكم حتى غيبنا عقولنا فما زدتونا الا خبالا فارجعوا إلى رشدكم وأعيدوا التفكير في منهجكم الانتقائي المشوه واعطوا لحكامنا وشعبنا ووطننا فرصة للتطهر مما علق بهم من تلوث فكري وحضاري صنعته عقولكم المتزمته وسترون بأن الشعب سينبذكم وسيتخذ عهدكم مثارا للسخرية والتهكم والتخلف !!

واعلموا أن سنة الله في خلقه هو توقهم للارتقاء والتقدم والتطور وليس التخلف والرجعية أما أمثالكم فسينقرضون وسيختفون فجأة كما ظهروا فجأة من العدم !!

اضاءة :

أن تدرك كيف تفكر ..
فهذا بداية التغيير !!