لا أستطيع أن أتخيل أنني في يوم من الأيام سأكتب عن قيادة المرأة للسيارة جهارا نهارا وبكل ثقة وأمان داخلي دون خوف أو وجل !!

إن أنسى لا أنسى قبل سنوات قليلة عندما طرح علي أحد طلابي في الصف الثالث الثانوي سؤالا عن رأيي في قيادة المرأة للسيارة فأجبته أنني لا أرى فرقا في هذا بين الرجل والمرأة !!

ولكم أن تتخيلوا كم المكالمات الهاتفية التي وردت لمدير المدرسة مهددة ومتوعدة لي برفع أمري للهيئة والوزارة لمعاقبتي بتهمة نشر الرذيلة وتسميم أفكار الطلاب لولا حكمة مديري آنذاك الذي نصحني بالحرص واحتوى الموقف لكنت قد فقدت وظيفتي !!

غير الحملة التي شنها علي زملائي معلمي المواد الدينية واتهامي بخيانة الأمانة ونشر مبادئ اعداء الدين ومقاطعتي وتشويه سمعتي بين طلابي والتحذير من صحبتي !!

نعم ياسادة .. كنت كغيري من الديوثين والليبراليين والعلمانيين وناشري الرذيلة ومحبي تحرير المرأة أنشر سمومي سرا ولم أتخيل أنه سيأتي يوم يوافقني على ذلك هيئة كبار العلماء وكل عالم وشيخ معروف !!

تساءلت مالذي حدث ؟
وماهذا التغير الجماعي في الفتوى ؟!!

وعدت مذهولا أبحث عن فتاويهم السابقة التي تبرأوا منها في يوم وليلة فإذا هي تملأ الكتب وعالم السوشل ميديا !!

ورحت أتساءل مالذي حدث وكيف بأمر ملكي شجاع حدث هذا التغيير الجماعي السريع فوجدت أن القاعدة الشرعية التي استندوا عليها سابقا قد استبدلت بقاعدة شرعية جديدة !!!

ففي الأمس القريب كان ( باب سد الذرائع ) هو الذريعة لتحريم هذا الأمر وتحت هذا الباب حرمت علينا الكثير من الأمور حتى تخيلنا أن الأصل في الدين هو الحرام وليس العكس !!

وفجأة ونتيجة لهذا الأمر الملكي
استبدل فجأة هذا الباب بباب جديد فيه من السماحة والعدالة والرقي والرحمة مافيه وهو باب ( تحقيق المصلحة العامة ) فما يراه ولي الأمر يحقق المصلحة العامة للبلاد والعباد _ كما ورد في بيان هيئة كبار العلماء – فلابأس به !!

سبحان الله ..

هكذا فجأة مابين غمضة عين وانتباهتها أصبحت حياتنا سهلة وحاجاتنا ومشاكلنا وأزماتنا وهمومنا مقضية !!

أصبح ديننا دين رحمة بحق وأصبح عمليا صالحا لكل زمان ومكان ومحتويا لكل مستجد من الأمور !!

ثم بعد مرور عام من تطبيق الأمر الملكي ماذا حدث في مجتمعنا من تغييرات سلبية ؟!

مبايض نسائنا ظلت سليمة ولله الحمد !!

النساء يقدن بكل أمان في شوارعنا وسط تشجيع وتحفيز من المجتمع المتحضر ودون أن تسجل حالات تحرش أو اعتداء إلا ماندر كأي ظاهرة طبيعية !!

تخلص مجتمعنا من مئات الآلاف من السائقين الذين امتصوا خيرات بلادنا غير المشاكل الغير أخلاقية التي كانوا يمارسونها !!

أصبحنا مجتمعا متحضرا لا ينظر للمرأة نظرة دونية وكأنها قاصر لا بد من حمايتها من نفسها ومن غيرها !!

أما نحن ( السابقون ) الذين طالبنا في عز سطوة ( حراس الفضيلة ) على إعطاء المرأة حقها في القيادة ..

فلم نعد ديوثيين ولا دعاة رذيلة بل نحن من أفاضل الناس فقد سبقنا غيرنا وكنت روادا في السعي لتحقيق مصلحة العباد والبلاد !!

فهل ياترى سنحظى باعتذار لطيف ممن شوه سمعتنا وطعن في أخلاقنا وشكك في شرفنا وافقدنا وظائفنا ؟!

دعونا من البكاء على اللبن المسكوب وعفا الله عما سلف ودعونا نحتفل بباب المصلحة العامة الذي ظهر لنا فجأة من بطون الكتب وسيحلل لنا كثيرا من الأمور التي حرمت علينا ردحا من الزمن ولنصل معا صلاة الغائب على باب سد الذرائع !!

الخلاصة :

شكرا لك أبا فهد فقد قيضك الله فرجا بعد شدة !!