أكد الدكتور عوض الله حسن سيد أحمد، المراقب العام للإخوان المسلمين في السودان، صراحة على تخليه التام، وتخلي جماعة الإخوان في السودان، عن نظام الرئيس السابق عمر البشير وكافة المعاونين له من رموز النظام المخلوع.
وأوضح في رسالة فاجأت السودانيين أنفسهم، وكانت تحمل عبارات واضحة وصريحة لا تحتمل تأويلا أو لبسا، إن ” جبهة الإنقاذ ” التي كانت تحكم السودان خلال عهد البشير ” قامت بإفساد الدين والدنيا ” ، حسب تعبيره، متعهداً ” بإزالة كل ذلك والعمل مع الشركاء لعدم إعادة إنتاج النظام ” .
ويجب العودة لبدايات إنشاء التنظيم في السودان لفهم أدبياته وفلسفته في التعامل مع المشكلات السياسية، وعن هذا الموضوع، قال ماهر فرغلي، الباحث في حركات الإسلام السياسي في حديث مع ” العربية.نت ” ، إن جماعة الإخوان نشأت في السودان في الأربعينيات، كامتداد لحركة الإخوان التي أسسها حسن البنا في مصر، وظهرت بتشكيل جمع أطياف العمل السياسي في محاولة استيعاب قوى سياسية وإسلامية منها ” الحزب الاشتراكي الإسلامي ” الذي تأسس عام 1949 بقيادة بابكر كرار.
وتابع أن جماعة الإخوان في مصر تواصلت مع نظرائها في السودان بدايةً من العام 1952، ولم تفلح الاتصالات والاجتماعات في إنشاء فرع لجماعة الإخوان المسلمين المصرية في السودان خاصة بعد استقالة بابكر كرار وتأسيسه حزبا جديدا باسم ” حزب التحرير الإسلامي. ”
واستطرد فرغلي، أنه تم حسم الخلافات وأُعلن عن جماعة الإخوان في السودان في أغسطس/آب من العام 1954، وانتخب لها أمين عام هو محمد الخير عبد القادر، ثم نشبت خلافات أخرى وصراعات أدت في النهاية ليتولى الرشيد الطاهر بكر منصب المراقب العام للجماعة.
وظهر حسن الترابي، منظّر جماعة إخوان السودان الأول، في العام 1964، وأعلن تأسيس ” جبهة الميثاق الإسلامي ” كتحالف إسلامي بين الإخوان والسلفيين والطريقة التيجانية الصوفية، وتم اختيار الترابي أميناً عاماً له، واستمرت الجماعة وتغلغلت في المجتمع السوداني حتى وصلت إلى الجماعة الحالية، التي يترأسها عوض الله حسن سيد أحمد.
وتمكن الترابي من الانفصال بتنظيم السودان عن التنظيم الأم في مصر، وساهم في إنشاء عدة مشروعات اقتصادية جعلته يفكر في إنشاء تنظيم موازٍ للتنظيم الدولي، ثم قام بتأسيس ” حزب المؤتمر الوطني ” عام 1994 بعد انقلاب عمر البشير، وكان الترابي أحد قادته.
لتتقارب في العام 1999، وجهات النظر بين إخوان مصر وإخوان السودان، وأصبحت العلاقة بينهما تكاملية، ثم استقبل السودان عناصر عديدة من جماعة الإخوان في مصر عقب اندلاع ثورة 30 يونيو/حزيران من العام 2013.
وكانت صراعات الأجنحة داخل جماعة الإخوان في السودان وراء تخليها عن البشير، فضلاً عن خشية قيادات الجماعة مما حدث لإخوان مصر وتونس وحجم استثماراتهم الضخم في السودان، والذي قد يكون مصيره مثل مصير ممتلكات وأموال الجماعة الأم في مصر.
وفي سياق متصل، قال عمرو فاروق، الباحث في تاريخ جماعات الإسلام السياسي، إن ” إخوان السودان واستغلالاً لمبدأ الانتهازية السياسية يقفزون على الثورة وانقلبوا على النظام السابق الذين كانوا شركاء فيه، من أجل أن يكون لهم تواجد في المشهد السياسي القادم في السودان ونصيب من ترتيباته التي تعد حاليا، إضافة لخشيتهم من ثورة شعبية كبيرة ضدهم قد تدفع المجلس الانتقالي الحاكم للزج بقياداتهم في السجون، والقضاء على الحركة فعليا كما جرى في مصر، وإبعادهم نهائيا عن المشهد كما جرى على فترات في تونس. ”
وأضاف فاروق: ” وفق معلومات مؤكدة، فقد وصلت تعليمات لقادة الإخوان بالسودان من جانب التنظيم الدولي للجماعة بالتخلي عن البشير حفاظاً على مصالحهم وأموالهم وممتلكاتهم، وحماية للتنظيم وقادته من الملاحقة، وحتى لا تسقط الجماعة في السودان مثلما سقطت الجماعة الأم في مصر عقب عزل محمد مرسي. “