يقول ابن حزم في كتابه طوق الحمامة أنه أحب في صباه جارية شقراء الشعر فمازال من يومها لا يستهوي سوداء الشعر مهما بلغت من حسنها معللأ ذلك أن سلطان الحب يطغى على كل شيء حتى الذوق فيحب الإنسان صفة في حبيبه حتى يبقى حبه لتلك الصفة أصلاً في تركيبه!!

لهذا قد تجد من يحب شخصاً لا يملك من الجمال شيئاً لكنه في ذوق محبوبه أبهى طلة من القمر!! ومن اللطائف هنا أن كثيراً من الملوك والعظماء عرفوا بعشقهم لنساء لم يكن ذات جمال يُذكر؛ فمثلاً قيل أن كليوبترا لم تكن ذات جمال خلاب كما كان يوصف عنها – على قول بعض المؤرخين – ومع ذلك هام بها يولويس قيصر ومن ثم عشقها مارك أنطونيو وضيع نصيبه في تركة قيصر في سبيل حبها .. وقيل أن عشيقات لويس الرابع عشر لم يكن جميلات ومع ذلك شغف بهن لويس وهام .. وشابهه في ذلك الحب الأعمى حفيده لويس الخامس عشر حين عشق امرأة كانت بعيدة جداً عن الجمال وكذا الحال بإدوارد الثامن ملك بريطانيا وغيرهم.

ولعل ذلك عائد لأنهم رأوا جمال أرواحهم وبهاء قلوبهم فذاب هذا الجمال على تقاسيم الوجوه فأخفى عيوبها؛ وكأنهم جسدوا بذلك العشق أغنية غوار الطوشي في مسلسله الشهير صح النوم ” فطومه كيف حبيتها أهل الحارة سألوني .. بعيونكم لا تشوفها لك شوفوها بعيوني ” !!