ظل الشيخ جاسر بن صالح بن عبدالله العميل، إمامًا وخطيبًا لجامع النحيتية لأكثر من 50 سنة، إذ قدم مع والده الشيخ/ صالح بن عبدالله العميل طفلًا لم يتجاوز سن الخامسة (فبعد أن بدأ الملك عبدالعزيز «رحمه الله» في توطين البادية، كان عطاء النحيتية للشيخ/ دبيان بن غادن له ولجماعته مخلف من قبيلة حرب عام 1343هـ ).

ففي عام 1348هـ، بتكليف من الملك عبدالعزيز أرسل لهم الشيخ/ صالح بن عبدالله العميل «رحمه الله» ليكون إماما وخطيبا لجامع النحيتية ومرشدا دينيا ومأذون أنكحة خدم جنوب منطقة حائل وماحوله.

وكانت لديه حظوه وتقدير من أمير حائل عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي «رحمه الله»، فقد كانت بينهم مراسلات ويخصه في حل إشكالات سكان جنوب منطقة حائل، فبعد وفاته «رحمه الله» عام 1385هـ تولى من بعده ابنه الأكبر محمد بن صالح العميل «رحمه الله» الإمامة في جامع النحيتية ولم يستمر طويلا لرحيله للرياض.

وبتزكية من أمير النحيتية محمد بن دبيان بن غادن «رحمه الله» لأوقاف ومساجد حائل برئاسة الشيخ/ عبدالله بن زاحم تم تكليف جاسر بن صالح العميل «رحمه الله» إماما وخطيبا لجامع النحيتية من عام 1385 هـ، وتم في عام1392 هـ صرف مكافأة له (200) ريال شهريا، وقد استمر لمدة أكثر من 50 سنة إماما وخطيبا لجامع النحيتية.

واتصف «رحمه الله» بالطاعة والورع والزهد وحسن الأخلاق، فلا يذكر أن أحدا شكى منه طيب العشرة صاحب روح مرحة، وحرص على دعوة الناس وتبصيرهم في أمور دينهم من خلال خطبه الأسبوعية والعيدين والنوازل، وكان شغوفًا بالقراءة يقرأ مايقع بين يديه، يحرص على جلب الصحف اليومية من مدرسة النحيتية فقد كان يوصي الجميع بإعطائه نسخ من الصحف فهي تتوفر أسبوعيا مع بريد المدرسة القادم من حائل.

ولم يكن يقود السيارة إلا في أواخر عمره، فإذا رافقك في سفر يحرص على عدم تكليفك ومضايقتك، يحدثني عن رحلاته للحج قديما والتي قد تكون سنويا، يقول : في إحدى رحلاته للحج قديما لم يجد مكانا له بالسيارة وهي من نوع لوري إلا مكان خارج حدود هيكل السيارة ركب على قطعة حديدة ( ماسورة) كما يمتطي الدابة حتى وصلوا إلى مكة وشيخنا يبذل في الخفاء.

وهنا نورد قصة فبعد اجتياح صدام للكويت عام 1411ه تضرر الكثير فهب الجميع لمساعدة المتضررين، فساهم ومد يد العون خفيه، ولا غرابة فهذا منهج ورثه آل العميل من أسلافهم، فيذكر لي هو شخصيا أن والده الشيخ / صالح بن عبدالله العميل في زمن الفقر وقلة الحاجة والجوع كان يبذل ومنها أن أحد المحتاجين يقدم له أسبوعيا (تحت جنح الظلام) من البادية أطراف النحيتية فكان يعطيه مؤنة أسبوع من الذره، فلعل بركة مد يد العون أصابت حقول الزرع عنده فهو يشتغل بالزراعة من مزرعة حصل عليها من سبيل الصرير فيذكرون أنه في إحدى السنوات فقدوا ثورا كانوا يستخدمونه لحراثة الأرض دخل الحقل ولم يجدوه إلا بعد ثلاثة أيام .
رحم الله شيخنا / جاسر بن صالح العميل «أبو ناصر» رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته فقد فقدنا والدا لنا نكن له المحبة والتقدير والاحترام .
فقد رثاه الأستاذ / علي بن محمد بن حمود المخلفي نائب رئيس ديوان المراقبة للمراجعة المالية سابقا
ثمانين حول جارنا ماشكيناه ولااشتكى منا بسيرة حياته
يالله عسى الجنة مقره ومثواه ومما ابتلاه يزيد فيها احسناته

و«العميل» من آل حصنان من المحفوظ من قبيلة العجمان، سكنوا بلدة القوعي .
تبوك 1441ه