منذ كارثة سيول جدة 2009م والمطر يشكل اختباراً حقيقياً للبنية التحتية التي أثبتت للعالم أجمع أنها لاتصمد أمام قطراتِ بسيطة لا تتجاوز الساعة الواحدة من الوقت ، مليارات من الريالات تُصرف كمشاريع لكنها تذهب هباءً منثوراً فالعين تُصدق ماتراه على أرض الواقع ، مشكلة بنيتنا التحتية تكمن في تسلط مقاولي الباطن عليها تسلط يحميه نظام المناقصات وغياب الرقابة عن المناقصات التي تشكل بيئة موبؤة بالفساد ، ليس من المعقول أن تبقى مشاريع الوطن العملاقة منها والصغيرة بمنأى عن الرقابة والاشراف المباشر من قبل الجهات الرقابية المختصة فالرقابة والإشراف الحقيقي يجب أن يكون قبل الترسية عبر دراسة المواصفات ومطابقة الأسعار بسعر السوق فليس من المعقول ارتفاع قيمة بعض المشاريع ارتفاعاً مهولاً فقيمة بعض المشاريع توازي قيمة عشرة مشاريع في الدول المتقدمة وهذه حقيقة وليست من وحي الخيال .

بنيتنا التحتية المتهالكة بحاجة لمنقذ ينقذها مما هي فيه ولعل وجود جهةِ حكومية تُعنى بمراقبة ومتابعة وترسية المشاريع الحكومية أفضل وأجدى من الوضع الحالي الذي تقوم فيه كل جهةِ حكومية بترسية مشاريعها الخاصة عن طريق المنافسة العامة ، في جميع دول العالم هناك تصنيف للمقاولين وهناك جهةِ واحدة معنية بالمشاريع الحكومية فوجود جهةِ مسؤولة عن مشاريع الدولة من مباني وطرق وبنية تحتية الخ سيقضي على فوضى الأسعار ومبالغها الخيالية وسيقضي على التخبط وعدم التنسيق وسيتم توزيع المشاريع الحيوية بشكلِ عادل ولن يكون هناك أيُ تأخير في تنفيذ المشاريع.

أيضاً لماذا لا يتم الاستفادة من تجارب الآخرين في كيفية إدارةو تنفيذ و مراقبة المشاريع فهناك تجارب جديرة بالاستفادة منها خصوصاً فيما يتعلق بمشاريع تصريف السيول وتنفيذ الطرق وإنشاء شبكات المياه والصرف الصحي ، لا ينقصنا شيء ينقصنا الإيمان بأن المال العام ملكُ للأجيال القادمة والجيل الحالي ، تعديل نظام المناقصات واعطاء مجالس المناطق والمجالس البلدية صلاحياتِ رقابية موسعة وإنشاء هيئة للمشاريع سيكون له أثرُ في تغيير الصورة النمطية عن بنيتنا التحتية التي لا تصمد طويلاً امام قطراتِ بسيطة في أيامِ معدودة ، رحم الله قائل أنشودة المطر القصيدة والأغنية المشهورة فلو كان بيننا لحول الأنشودة لمرثيةِ لعل وعسى يستيقظ ضمير البعض ويعمل لما فيه خير البلاد والعِباد ..