أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان في خطبة الجمعة اليوم على أن في منصرم الأيام معتبر وفي الماضي ذكرى وعبر , قال تعالى (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ ) , تتعاقب الأيام والشهور والفصول والأعوام وتنقضي الآمال وتفنى الآجال وتتلاحق الأجيال وكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال .

وأضاف فضيلته قد أقبل عليكم فصل الشتاء برده نذير , أذن الله لجهنم أن تتنفس فيه , فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( اشتكت النار إلى ربها وقالت : أكل بعضي بعضا , فجعل لها نفسين , نفسًا في الشتاء ونفسًا في الصيف , فأما نفسها في الشتاء فزمهرير وأما نفسها في الصيف فسموم ) .

وأكد فضيلته أن موسم الشتاء موسم ربيع المؤمنين , يرتعون فيه في بساتين الطاعات ويسرحون في ميادين العبادات وينزهون قلوبهم في رياض القربات , قد خف العناء وقل التعب والنصب , فلا الصوم يجهدهم ولا الليل يضيق عن نومهم وقيامهم , عن عامر بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة ) .

وفي الخطبة الثانية بينّ فضيلته إن الإسلام قد استوعب ظروف الحياة وراعى تغير الزمان والأوقات , فشرع في أحكامه العزائم والرخص للضرورات , وإن مما يرفع الله به الدرجات ويكفر الخطايا والسيئات المبادرة إلى الطهور شرط العبادات وشطر الإيمان وشرط الصلاة ركن الإسلام فتجشم المكاره والتعبد باستعمال الماء في وقت البرد في الشتاء من مكفرات الذنوب , عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أَلا أَدُلُّكُمْ عَلى مَا يمْحُو اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ قَالُوا: بَلى يَا رسولَ اللَّهِ. قَالَ: إِسْباغُ الْوُضُوءِ عَلى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخطى إِلى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بعْد الصَّلاةِ، فَذلِكُمُ الرِّباطُ).

واختتم فضيلته الخطبة بالإشارة إلى أن من مرونة الشريعة وحكمة الإسلام دين اليسر والسماحة التخفيف عن الناس عند المشقة العارضة والضرر المحتمل , قال تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) , فالمشقة تجلب التيسير , قال تعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) .