لو تأملنا قليلاً في كتب الفقه المعاصر واستمعنا جيداً لخطب ومواعظ كبار وصغار المشايخ والدعاة لوجدناها وبنسبة 99،99 موجهة ومخصصة للإناث فقط ، العلاقة بين الأنثى وبين الوعظ والخطاب الديني كالعلاقة بين الماء والحياة فلا يمكن لذلك الخطاب أن يدوم ويعيش ويتفرع وينتشر دون وجود الأنثى في مفرداته ومواضعية التي لا تُعد ولا تُحصى ،
الأنثى كالذكر في الأوامر الربانية والتكاليف الشرعية وإن وجد اختلاف فالاختلاف بسيط لا يُذكر وهذا متعلق بطبيعة التكوين الفيسفولوجي للمرأة ، تلك الحقيقة حقيقة تساوي الأنثى والذكر في الأوامر والتكاليف الشرعية لا أثر لها على أرض الواقع فالخطاب الديني يناصب العداء للأنثى وكأنها هي الشيطان الرجيم ، هي كذلك بالفعل عند أكثرية الوعاظ فهي إن خرجت من منزلها لأي سببِ كان فقد امسك بيدها الشيطان وجلس بعرشه بداخل عقلها ناشراً وساوسه التي لا تنتهي ، في حقبتنا المُضحكة المسماة بالصحوة كانت جميع المواد الوعظية تبدأ بعبارة اختاه أحذري احذري الهاتف والبلتوث والتلفاز والمجلات والزينة والعمل والتعليم الخ القائمة المُضحكة فالصحوة عادت الأنثى كثيراً واستفادت من ذلك العداء لتعزيز تواجدها بوسط المجتمع الذي صدقها وصدق اطروحاتها ولم يكتشف زيفها إلا مُتأخراً.

المشكلة الحقيقية تكمن في الفوبيا من الأنثى فوبيا تعود في أصلها إلى نصوص لا يجزم أحدُ بصحتها بشكلِ دقيق ، تلك النصوص استخدمتها قلة قليلة من البشر لشرعنة اضطهاد الأنثى فكبرت الدائرة حتى أصبح السمت العام يدور في فلك اتقاء شر ذلك الكائن ، اليوم ليس كالأمس فقد تخلص الفضاء العام من غالبية الفتاوى التي هي في النهاية اجتهاداتِ بشرية وناتج لعمليات عقلية تتأثر بما يُحيط بها ، بعد مدة من الزمن اكتشف المجتمع أن لولا الأنثى ما كان ليحظى رجل الدين بشعبية في المجتمعات البدوية والريفية التي يغلب عليها طابع الجهل والتُخلف ، التخلص من فتاوى الإناث ليس بالأمر الهين فقد باتت تغشل حيزاً من الدائرة الثقافية للمجتمع لكن نقد تلك الفتاوى بمنهجية علمية إنسانية سيحولها لكلماتِ وسطور ببطون الكتب لا أثر عملي لها على أرض الواقع فالموعظة الحسنة بعيدة كل البعد عن تلك الفتاوى التي انهكت جيل بأكمله وشوهت سماحة الدين ومُثله العُليا التي لا تنتهي بعبارة رفقاً بالقوارير النبوية.