يتنازل أولياء الدم أحيانًا عن القصاص من الجناة، مقابل دفع الدية، لكن ولأن الرياح تأتي دائمًا بما لا تشتهي السفن، فقد يتعذر على الجناة وذويهم دفع الدية في المدة المحددة.

و يسقط القصاص حال التصالح بين الطرفين باتفاق الفقهاء، فلو تصالح القاتل مع ولي الدم فلا يخلو هذا الصلح من ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يكون الصلح معلقا على شرط كما لو تم الصلح بشرط أن يرتحل القاتل من بلد الولي، أو على أن يسلمه المبلغ المتفق عليه، أو على أن يعطيه العين المذكورة، فهنا يلتزم الجاني بالشرط کي يتم الصلح، ويعمل بموجبه، فإن أخل به الجاني فالقصاص باق بحاله لأن الصلح انتقض ولم يتم؛ لأن الشيء المعلق على شرط لا يتم إلا بحصول ما علق عليه، فالجاني لم يف بما شرط عليه، ولأن الصلح هنا لم يتم فلا حكم له ولا أثر يترتب عليه.

الحالة الثانية: أن يتم عقد الصلح بين القاتل وولي الدم صحيحا ثابتا على شيء معين فيبطل بعد صحته، کالمصالحه عن القصاص بحر يعلمان حريته أو عبد يعلمان أنه مستحق، أو فسد المسمى في الصلح، فهنا يسقط القصاص؛ لأن إقدام المتصالحين على الصلح يتضمن الإبراء عن القصاص فيسقط، وإذا سقط فإنه لا يعود للقاعدة الفقهية: «الساقط لا يعود»، ولأن صورة الصلح أورثت شبهة في درء القصاص، والقصاص لا يستوفي مع الشبهة فيسقط، ولأن هذا الصلح باطل فكان وجوده كعدمه، وإذا سقط القصاص فإنه يرجع إلى الدية لأن الولي لم يرض بسقوط القصاص مجانا فيصار إلى الدية وهي موجب القتل الأصلي.

الحالة الثالثة: أن يتم عقد الصلح بين القاتل وولي الدم صحيحا ثابتا على بدل صحیح معين، فإذا تم عقد الصلح فمؤدى ذلك حصول البراءة عن الدعوى، ووقوع الملك في بدل الصلح لمستحق الدم، وسقطت دعواه المصالح عنها.