نحن في أمس الحاجة إلى ثورةِ معرفية فكرية تقودنا إلى الأمام وتُغير كثيراً من المفاهيم والآراء التي تسببت في كوارثِ جمه لا يُحصيها إلا الله والراسخون في متابعة المشهد الاجتماعي ، الثورة المعرفية المنتظرة ليست صعبة المنال ولا خيالاً لا يمكنه أن يتحقق فالتاريخ يخبرنا أن هناك مجتمعات تحركت بسبب ثورة العقل فخرجت من عنق الزجاجة بعد جهادِ طويل فعصور الظلام بأوروبا اعقبه عصر النهضة والحياة والتخلص من العتمةِ والظلام ، الرغبة في التغيير والتغير أساس أي عملية تحديث وتغيير لكن هناك ماهو أهم ألا هو ضرورة إعادة قراءة النصوص الدينية والعودة إلى النص القرآني ومحاولة فهمه من جديد بعد عقود من ترك ذلك الأمر لمجموعة من الأفراد الذين عملوا بشكلِ غير منظم وبفتراتِ تاريخية متباعدة منتهجين طريقة النسخ واللصق والقراءة المحدودة وتفسير النص وفقاً لما يعتقدونه صواباً لا وفق دراسة النص ومحاولة المؤامة بينه وبين الواقع الاجتماعي فالمحاولة تقود إلى النجاح وغاية النص القرآني تنمية وحماية وصيانة وتطوير الواقع الاجتماعي بغية الوصول إلى درجة المثالية والكمال ، النص القرآني من أكثر النصوص تفسيراً ودراسة عند المتقدمين والمتأخرين ولأنه هو الأصل الأول للدين الإسلامي أخذت تتخطفه التيارات والحركات الفكرية الراديكالية اليمينية واليسارية فأنزلت الآيات منزل الهوى ولوت أعناقها لتنسجم مع رغباتها فالقاعدة وداعش وغيرها عمدت إلى النص القرآني لتصبغ الشرعية الدينية على جرائمها الدموية ، النص القرآني خطاب رباني وبما أنه كذلك فمن الواجب صيانة ذلك الخطاب وقطع طرق استغلاله من قبل المتطرفين والمتشددين الذين لا ينفكون عن تفسير الآيات بما يوافق الهوى الفردي لا بما يوافق صلاح الزمان والمكان ، لو عاد المسلمون إلى القرآن الكريم لكان خيراً لهم والعودة هنا عودة التدبر والفهم لا الحفظ وترك الفهم والتدبر بحجة عدم الأهلية فالله دعانا إلى التدبر والنظر لا إلى الحفظ واستدعاء ما نحفظ متى ما آردنا دون فهم الغاية من تلك الآيات البينات ، لكي تخرج المجتمعات العربية من أزماتها يجب عليها إعادة قراءة النص الديني من جديد وأول خطوة إعادة قراءة القرآن بطريقةِ علمية يغلب عليها التدبر فلدى المسلمون مراكز وكليات تُعنى بالدراسات القرآنية لكن مخرجاتها لا تتناسب مع حجم ظاهرة استغلال الآيات وتفسيرها بما يوافق هوى البعض ممن غلبته العاطفة .
يقول محمد إقبال  :” كلمة قالها لي أبي غيرتْ حياتي
قرأتُ عليه القرآن بسرعة فقال : يا بُني اقرأه كأنه عليكَ أُنزل ! ” لو طبقنا واشعنا تلك المقولة الخالدة لتخلصنا من أشياء كثيرة أهمها إنزال الآيات في غير موضعها الحقيقي ،لنعلم أبنائنا وطلاب وطالبات المدارس الغاية الحقيقة من قراءة القرآن الكريم والطريقة الصحيحة لقراءته الفم والتي تبدأ بحضور العقل والقلب معاً ،إذا تعلمت الأجيال ذلك فسوف تغدو حياة المجتمعات أفضل فالجميع سيكون على قدرِ عالي من الفهم والوعي وستزول طبقة الوعاظ وطبقة المتدينين المتعصبين الذين وجدوا في جهل الناس فرصةً لتمرير أجنداتِ ومواعظ تتعارض مع النص القرآني خصوصاً تلك المتعلقة بالأفراد وسلوكياتهم وخصوصياتهم التي لا يتضرر منها أحد.