تشهد العراق في الوقت الحالي أوضاع غير مستقرة تزامنًا مع الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت للقضاء على الفساد.

وكالعادة حجبت السلطات خدمات الأنترنت عن المتظاهرين، ولكن لم يستسلم الشباب ووجدوا البديل والحيل الغريبة؛ لسد تلك الفجوة.

ويقول أحمد عبر وكالة فرانس برس، وهو أحد العاملين في إحدى الشركات المزودة للإنترنت، والتي نفذت قرار الحكومة بقطع الإنترنت، لكن موظفيها ما زالوا قادرين على الدخول إلى الشبكة في مقر الشركة: أذهب إلى التظاهرات صباحًا، وأصور فيديوهات بهاتفي، ثم أعود إلى مقر عملي وأستخدم الإنترنت لتحميلها على فيسبوك أو أرسلها لوسائل إعلام خارج العراق.

وأطلع أحمد ” فرانس برس “ على فيديوهات يخطط لإرسالها لوسائل إعلام أجنبية ليلًا، يسمع فيها إطلاق رصاص في شوارع شبه فارغة، فيما هو ورفاقه المحتجون اتخذوا من الكتل الاسمنتية ملجأ لهم.

وأضاف أحمد: رفاقي يسلمونني المواد التي يصورونها على مفاتيح ذاكرة (يو أس بي) كي يتمكن الجميع خارج العراق أن يرى ما يحصل هنا.

وكانت وسائل التواصل الاجتماعي منصة العراقيين للدعوة إلى التظاهر قبل يوم الثلاثاؤ الماضي خصوصًا عبر فيسبوك وانستجرام، ضد البطالة والفساد والمحسوبيات وانعدام الخدمات الاجتماعية، وغيرها.

وفي حيلة أخرى بعد أن تم حجب فيس بوك تحرك العراقيون سريًا لتنزيل تطبيقات الـ “ في بي أن “ (شبكة افتراضية تتيح الاتصال بخوادم خارج البلاد)، وبدأ آخرون بنشر التفاصيل عن التظاهرات المرتقبة في قسم تعليقات شبكة ” سينمانا “ ، وهو تطبيق بث برامج ومسلسلات ذو شعبية في العراق.

وأقدم آخرون على استخدام وسائل اتصال بالأقمار الاصطناعية، وهي ذات تكلفة مرتفعة جدًا، من أجل التواصل مع العالم الخارجي.

وجاء الحجب من السلطات لمنع نشر عمليات القمع التي تقوم بها القوات الأمنية التي استخدمت في صد المحتجين الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه والرصاص الحي؛ حيث قتل نحو 100 شخص منذ يوم الثلاثاء، غالبيتهم من المتظاهرين وبينهم بعض العناصر الأمنية، وفق الإحصاءات الرسمية.

ويقول متظاهر أخر: اعتدنا الاطلاع على كافة صفحات الفيسبوك للأحياء المجاورة لنا، لمعرفة وجهتنا للتظاهر. الآن نتبع صوت الرصاص فقط “ ، لافتًا إلى أنه في حال قطعوا الاتصالات العادية، سنصبح كالمكفوفين.

وعلى جانب أخر كشفت ناشطة نسوية أنها لم تستطع النزول والانخراط في التظاهرات؛ لما تشكل عليها من خطرًا كبيرًا، إلا أنها وجدت طريق أخر لمساعدة الشباب والاحتجاج بطريقتها.

فيقوم رفاقها الشبان يوميًا بتزويدها برسائل عبر الهاتف عن آخر التطورات في ساحات الاحتجاج على امتداد العراق، وتقوم هي بتحويل تلك الرسائل إلى أصدقائها في الخارج.

وتضيف: أنا لست متمرسة. لا يمكنني التظاهر وحيدة، لذا فهذا أقل ما يمكنني القيام به “ ، مشيرة إلى أن رصيد الهاتف الذي اشترته على مدى الأيام الثلاثة الماضي، كلفها نحو 100 دولار يوميًا.

وتحتفظ رشا بفيديو وبعض المواد التي لم تنشر من إحدى التظاهرات الأولى التي شهدت عنفًا، وكانت إحدى المشاركات فيها.

تقول: يعتقدون أننا سننسى أنهم أطلقوا النار علينا، يعتقدون أن الناس لن تعرف. ولكن لدي فيديوهات، وسأنشر كل شيء رأيته لحظة عودة الإنترنت.