كشف مهندس ميكانيكي يعمل في إحدى كبريات الشركات، معاناته الطويلة مع الإصابة بالاكتئاب.

وأوضح كيف استطاع أن يشفى منه، بعد أن كان فعلياً يفكر في الانتحار.

وكشف المهندس عبدالعزيز البقيلي، وهو رحالة وشغوف بالسفر لـبرنامج ” معالي المواطن ” على قناة mbc أمس، بأن الأفكار الانتحارية ظهرت لديه، وبدأت عنده بعد عودته من أمريكا، وأخذ فترة طويلة تراوده أفكار سلبية سوداء.

وقال: ” مع الوقت شعرت بأن الحياة صعبة، وكأني لا أشاهد سوى الظلام والسواد وكل شيء صعب، وبعدها فعليا بدأت التفكير في الانتحار ولكن الحمد لله أنني لم أنتحر ” .

وأضاف: ” بالسفر والتعرف على ثقافات الشعوب وعاداتها، أسهمت في علاج نفسيتي، وكلما كانت نفسيتك حلوة تصبح الحياة سهلة وتريد أن تكون منطلقاً ” .

وتابع: ” بعد تخرجي من الجامعة تخصص هندسة ميكانيكية، وخلال معاناتي وشعوري بعدم المتعة في الحياة والأفكار السلبية، أمضيت سنتين في التردد على الرقاة الشرعيين دون فائدة أو جدوى، ولجأت بعدها إلى الطبيب النفسي، وبعد أن شخص حالتي بالاكتئاب رفضت في البداية أخذ العلاج، ثم مع ضغط المعاناة النفسية تناولته وبدأت حالتي بالتحسن والشفاء ” .

وقال ” البقيلي ” : ” أنا إنسان قريب من الله، وحافظ للقران، لكن وقت معاناتي كنت حين أقرأ سورة البقرة كان يزيد لديّ الاكتئاب، وإنه ليست المشكلة في السورة، لكن المشكلة تكمن أن لديك مرضاً واضطرابا نفسياً يحتاج إلى علاج من مختص وطبيب نفسي ” .

و نفى أخصائي ومعالج نفسي، أن تكون الإصابة بالاكتئاب لها علاقة بالتديّن أو بالقرب والبعد عن الله.

وقال أسامة الجامع الحامل للماجستير علم النفس الإكلينيكي من كلية الطب بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، لـبرنامج ” معالي المواطن ” على قناة mbc أمس إن ” الرقية الشرعية تكون في عين ونحوه، لكن نحن نتحدث عن اضطراب يستلزم الذهاب إلى مختص ومعالج نفسي فلكل داء دواء ” .

وأضاف: ” الاكتئاب ليس له علاقة بالقرب أو البعد عن الله، أو كونك متدين أو غير متدين ” ، مشيراً إلى أن الجانب الروحي أو الديني عند الإنسان، يعجّل عملية الشفاء، لكنه لا يمنع الإنسان من الإصابة بأي اضطراب نفسي سواء اكتئاب أو غيره.

وتابع: “أنا يأتيني في العيادة أشخاص حافظون لكتاب الله، وأئمة مساجد ودعاة ومؤذنون، وأناس قريبون من الله، فبالتالي عندما تقول لهم أنت أصبت بالاكتئاب لأنك بعيد عن الله، فأنت تزيدهم ألماً ” .

وقال: ” مع ازدياد حدة التنافس، قلّت الفرص، فقد أصبحنا نريد أن نكون أصحاب مظهر وشكل مثالي ” ، مشيراً إلى أن النزعة المثالية تضغط على الإنسان وتدفعه لأن يرفع معاييره لمستويات لا يمكنه بلوغها، فبالتالي يصاب بالإحباط ويدخل في الاكتئاب.

وأضاف: ” من أجل الوقاية من الاكتئاب نحتاج أن ننتبه بألا نرفع معاييرنا إلى مستويات لا نطيقها، ولا نضغط على أنفسنا لكي ننافس بطريقة غير واقعية فندخل في فخ الاكتئاب ” .

واستكمل: ” بعد أن كنا نعيش في السابق، في البيت الكبير والعود، الذي تجتمع فيه كل العائلة، ويجد أفرادها الدعم الأسري والاجتماعي ” .

وقال : ” أصبحنا الآن نعيش في نزعة أقرب إلى الفردية، وأن نكون لوحدنا فقط دون التفرغ لأية صداقات، حيث الجار لا يعرف جاره، أكون دائماً وحدي؛ بسبب طول ساعات العمل، وعندما يكون الإنسان لوحده تزداد فرص الإصابة بالاكتئاب أو يضعف أكثر تجاه الضغوط حوله ” .

وأشار المعالج النفسي إلى أن هناك أشخاصاً لا يعلمون أنهم مصابون بالاكتئاب، فيذهبون للعمل ويقابلون الأشخاص ويضحكون ويتحدثون، لكنهم في الحقيقة مصابون بالاكتئاب، والتي تظهر عندما يكونون وحدهم ويخلون بأنفسهم فينفجرون بالبكاء.

وختم ” الجامع ” حديثه بالقول: إنه ” يمكن للإنسان أن يعرف أنه مصاب بالاكتئاب من خلال أمرين، أولاً الشعور باليأس، وهو جوهر الاكتئاب، وثانياً فقدان المتعة بالأشياء التي يمارسها، ويشعر بأن طعم الحياة واحد ولون واحد، وهذا مؤشر لحاجته للذهاب إلى مختص وطبيب نفسي ” .