“أنا فقط أخطط لرفع إثيوبيا إلى مستويات عالية، وإيقاظ الجمهور للمشاركة في ذلك. ليس لديّ أي نيات رئيسة أخرى بخلاف ذلك”. هذا ما يؤكده رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد علي، في كل مناسبة.
آبي أحمد الذي تعرض لثلاث محاولات انقلاب، يرى وفقاً لما عرضته مجلة “الرجل” التي استضافته على غلافها في عددها الجديد، أن حكومته، ورغم ما حققته من إنجازات، خلال المدة القصيرة الماضية، فإنها مازالت “تواجه تحديات، بينها الإرهاب والجريمة المنظمة والفساد التي تهدد الاستقرار الداخلي”.
ويشدد، منذ وصوله إلى السلطة في نيسان 2018، على ضرورة تماسك بلاده بكل مكوناتها، بوصفها حجر الأساس في بناء إثيوبيا قائلاً “الآن أكثر من أيّ بلد في العالم، بالنسبة لنا فإن ضمان الديمقراطية يعني ضمان وجودنا، علينا أن نضع في أذهاننا أن إثيوبيا هي ملكنا جميعاً، وعلينا أن نبني ديمقراطية تشاركية تسمح بسماع أصوات الجميع، وأن يستفيد الجميع منها”.
والرسالة التي يحرص آبي أحمد على توجيهها إلى الجماعات المتنوعة من أبناء شعبه، وتكثف رؤيته لمستقبل بلاده، هي “إنزل الجدار، وبناء الجسر”، في إشارة إلى ضرورة تجاوز الهويات العرقية لمصلحة الهوية الوطنية الجامعة إثيوبيا، البلد الذي يسكنه أكثر من 80 عرقية، ويعدّ ثاني أكبر بلد إفريقي بعدد السكان (نحو 104 ملايين نسمة).
ويتابع لـ مجلة الرجل قائلاً: “إذا كنت تريد أن تكون فخراً لجيلك، فعليك أن تقرر أن أورومو، وأمهرا، وولايتا، وغوراغز، وسيليت كلها إثيوبية”.
ويضيف “لدينا خيار واحد فقط، وهو أن نكون متّحدين، ليس بالتعاون ومساعدة بعضنا لبعض فقط، بل إننا نتحد من أجل العيش معاً، والخيار الآخر هو قتل بعضنا لبعض”.
ويستدرك قائلاً “ومع ذلك، لن يختار أي شخص عاقل ذلك. لذا، ينبغي أن يكون خيارنا هو الثقة المتبادلة، وتضميد جراحنا معاً ونعمل معاً لتطوير بلدنا”.
وكي لا يكون كلامه مثالياً مجرداً، فإنه يلفت بحسب ما ورد في مجلة “الرجل” إلى أنه “في أي بلد، من المؤكد أنه سيكون هناك اختلافات في الأفكار، فالاختلاف ليس لعنة، عندما يستمع بعضنا إلى بعض، وعندما نتفق بناءً على مبادئنا، فإن ذلك يجلب النعم، وعبر النقاشات سنعثر على الحلول”.
ينطلق أبي أحمد، من رؤيته لتحقيق للعدالة بين مواطنيه، من مساواتهم أمام القانون، وعدم الانحياز إلى جماعة ضد جماعية أخرى يقول “ليس في أجندتي استخدام مجموعات معينة، لمهاجمة مجموعات أخرى، أو لدفع مجموعات محددة أو قمع الناس؛ ما أعمل عليه هو العمل الذي يرفع الإثيوبيين، هذا ما أريده، وهذا ما أقوم به”.
ويوضّح قائلاً “يجب أن يحصل الجميع على معاملة متساوية في مواجهة القانون. ينبغي ألا تستخدم السلطة أداة للانتقام. عندما نحترم سيادة القانون، عندما تتخذ الحكومة إجراءً، هناك من يقول إن هذا القرار اتخذه شخص من مجموعتي العرقية أو مجتمعي، ما لم ينته هذا النوع من التفكير، فلن يكون لدينا مستقبل مستدام”.
وعلى المستوى العملي، نوّهت مجلة “الرجل” باختيار آبي أحمد، نصف حقائب وزارته من النساء (عشر من أصل عشرين وزيراً)، وكلفهن وزارات سيادية كانت حكراً على الرجال، وقال مفاخراً بفريقه النسوي «وزيراتنا سيحطمن المقولة القديمة إن النساء لا يصلحن للقيادة”.
كما أبرزت “الرجل” انفتاحه على المعارضة، وإصدار العفو عن المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين منهم، وفكّ العزلة عن بلاده، وإنهاء حالة الحرب مع إرتيريا. ونوهت بجهوده في حل النزاع بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري في السودان، كما أشارت الى جهوده لإطلاق مئات الموقوفين الإثيوبيين في عدد من العواصم الإفريقية والعربية، وعودتهم معه على متن طائرته الخاصة.
ونوّهت بالعلاقة التي تربط بين إثيوبيا والمملكة العربية السعودية، مشيرة إلى أن المملكة كانت من بين الدول الأوائل التي أرسلت رسائل تهنئة إلى الدكتور آبي، بانتخابه رئيساً للوزراء.
كما أشارت الى رعاية العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، لاتفاق جدة للسلام الذي وقعه الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علي، في سبتمبر/ أيلول 2018، الذي عرف بـ”اتفاقية جدة للسلام” بين البلدين، ليطويا صفحة أطول نزاع في القارة الإفريقية. ولفتت “الرجل” إلى حضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ووزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.
وكشفت عن الهوايات التي تستحوذ على اهتماماته، فهو متحمّس للصحة واللياقة البدنية، وكان يتردد على صالات رياضية في أديس أبابا، حيث كان لديه اشتراك في أكثر من نادٍ ومركز رياضي.
واخيرا أبرزت “الرجل” تأكيد آبي أحمد، عدم تمسكه بالسطة، حيث قال “أنا متأكد من أنني لا أستطيع أن أبقى هنا إلى الأبد. لا أعرف متى سأرحل، ولكني أريد مغادرة هذا المكتب”.