هرطقات الصحوة مرضُ مُزمن ما تزال آثاره واضحةُ للعيان فلا يكاد يتخلص المجتمع من آثر إلا وتظهر آثار أشد خطورة تُصيب الجزء المتعافي من جديد محاولةً قتله وكسر مناعته ، هناك آثرُ صحوي مُدمر ما يزال حاضراً بقوة في ثقافتنا المحلية التي شوهتها الصحوة بهرطقاتها المتعددة ، ذلك الآثر يتمثل في فصل الرجال عن النساء قسراً بدعوى حُرمة الإختلاط سداً لذريعة كذا وكذا ؟ ، فصل الرجال عن النساء ما يزال حاضراً ويجب انهاؤه لأنه يُكرس فكرة الصحوة تجاه الأنثى ويعطي دلالة على أن المجتمع لم يتخلص من آثار الصحوة المدمرة وإن حدث تحسن في بعض الملفات والسلوكيات إلا أن بقاء الفصل خصوصاً في المنشآت الحكومية والخاصة يُعيد المجتمع للمربع الأول وكأنك يا بو زيد ما غزيت !

بقاء الوضع على ما هو عليه من فصلِ وفتح مداخل للنساء وأخرى للرجال وإنشاء اقسام متباعدة له آثارُ مُدمرة على جميع المستويات فعلى المستوى الاقتصادي الأمر مُكلف وباهض الثمن وعلى المستوى الفكري فالأمر فيه تشدد وتطرف ونيل من جنس الأنثى التي يقال أنها تغوي الرجل كامل العقل وهي صحوياً بنصف عقل ، في السابق وقبل 1979م كان المجتمع طبيعياً مجتمع لا يُقلد أحداً ملتزم دينياً يعيش بفطرته الطبيعية التي اختطفتها الصحوة كان الرجال والنساء يعيشون مع بعضهم البعض يلتقون في المناسبات تراهم في الأسواق والطرقات لا يخشون أحد يجمعهم الاحترام لكن الصحوة شيطنة المرأة وصورتها بصورةِ الشيطان الغاوي فخطفت العقول وزرعت الشكوك وقسمت المجتمع لنصفين رجال قوامون بالقهر والقوة ونساء غاويات فتحول الاختلاط الطبيعي والمحمود إلى رجسُ من عمل الشيطان فوجبت محاصرته فأخرج الوعاظ آراء وفتاوى تحرم ذلك الامر الطبيعي والفطري مشوهين بذلك الحياة وزارعين للشكوك التي بدأت تساور الناس في حياتهم اليومية ..

إذا أردنا التخلص من الصحوة فيجب التخلص من آثارها فالصحوة فكرة تحولت لسلوك وبقاء السلوك يعني بقاء الفكرة وتداولها من جيلِ لأخر وهذا أمرُ خطير وكارثي ، الأفكار لا تموت إلا إذا تخلصت المجتمعات من السلوكيات التي تكرسها تلك الأفكار على أرض الواقع ، سلوكيات الصحوة ليست من الدين في شيء ومن ضمنها فكرة الفصل بين الجنسين والتي لولا العقل المؤدلج لما كانت حقيقة على أرض الواقع .