– التهاب الغشاء البلوري المغلف للرئة في مقدمة أسباب آلام الصدر غير القلبية

– من 11 – 15% فقط من الآلام الصدرية ناتجة عن أمراض قلبية

يتوهم الكثيرون أنهم مرضى بالقلب ، بمجرد شعورهم بآلام في الصدر ، دون أن يكون لهذه الآلام الصدرية أي علاقة بصحة القلب ، إلا أن حالة الهلع والخوف التي تصيب أمثال هؤلاء المتوهمين قد تصيبهم بحالة مرضية يصعب على المريض والطبيب على حد سواء التعامل معها ، ويبقى السـؤال: ما العلاقة بين آلام الصدر ووجع القلب ، وهل يمكن أن تكون لهذه الآلام مسببات أخرى غير أمراض القلب وما هي هذه المسببات ، ومتى تكون هذه الآلام مرتبطة بوجع في القلب د/ حسام أحمد رماح استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية واستشاري القسطرة القلبية التداخلية وعلاج الشرايين التاجية بمستشفى الحمادي بالرياض يجيب على هذه التساؤلات فيقول :

حقيقة لقد أمست الآلام الصدرية شــكوى شــائعة خاصـة في السنوات القليلة السابقة خاصة والتي شهدت زيادة نسبة الوعى الطبي لدى الكثير من العامة والخاصة. إلا أن الكثير ممن يشكون ألاماً صدرية يتوهم بأنه مريض بالقلب وغالباً ما يصاحب ذلك قلق شديد وقليل منهم يصاب بنوبات هلع قد تسبب له ما يعرف باسم الأمراض النــفس- عضوية القلبة، وما ينتج عنها من أعـــراض يصعب على الطبيب والمريض سوياً التعامل معها.

وهناك كثير من الأسباب التي تؤدي إلى آلام الصـدر ونسبة كبيرة إلى حـد ما منها قد تصل إلى 60% ناتج عن أسباب غير قلبية ومن هذه الأسباب على سبيل الذكـر:

• آلام القفص الصـدرى وما به من أضلع وغضاريف، وعضلات وأعصاب وجميعها يمثِّل نسبة 16% من مجموع الآلام الصدرية .

• آلام مصاحبة لالتهاب الغشاء البلوري المغلف للرئة ويمثِّل نسبة 18% من مجموع الآلام الصدرية
• آلام مصاحبة لالتهاب الغشاء التانوري المغلف للقلب ويمثِّل نسبة 10% من مجموع الآلام الصدرية.

• أما آلام المرئ أو آلام فتق الحجاب الحاجز فتمثِّل حوالي نسبة 13% من إجمالي نسبة الآلام الصدرية غير أنه في معظم الحالات تكون مصاحبة بتغيرات في تخطيط القلب الكهربائي مشابهة لدرجة كبيرة لتلك المصاحبة لمرض الشرايين التاجية.

ويضيف د. رماح : ومن رحمة الله سبحانه وفضله علينا أن نسبة قليلة من إجمالي الآلام الصدرية تكون بسبب مرض في القلب وتقدر بـ 11إلى 15% من مجموع الآلام الصدرية ومنها ما يطلق عليها الآلام النموذجية كآلام الذبحة الصدرية المستقرة والتي تنتج عن ضيق الشريان التاجي مع نقص التروية الفعلي لعضلة القلب والمصاحب لمجهود بدني أو عضلي معروف لدى المريض وتزول بزواله أو بمجرد التخلي عن المجهود. وأخرى يطلق عليها الذبحة الصدرية غيرالمستقرة وهي تهاجم المريض في أي وقت حتى أثناء الراحة أو النوم وتنتج عن تخثر الصفائح الدموية على جدار الشريان التاجى الضيق. وغالباً ما ينتج عنها تأثر بعضلة القلب يختلف تبعاً لسرعة تخثرالصفائح الدموية وما يتبعها من ترسب وتجلط دموي قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى ما يطلق عليه حديثاً “MMI- “minimal yocardial injury او الإصابة القلبية الخفيفة التي تحدث نتيجه لانفصال دقائق من التخثرات الدموية في أعلى الشريان، حيث بداية تخثر الدم وتسبب انسداد الأوعية الدقيقة في اَخرة مع تأثر طفيف في بعض خلايا العضلة القلبية مصاحب بزيادة طفيفة في الخمائر القلبية بالدم ، وقد يسبب ذلك انسداد كامل بالشريان التاجي نتيجة حدوث تخثر شديد وسريع للصفائح الدموية مع تجلط الدم بداخل الشريان القلبي مما ينتج عنة نقص شديد فى تروية عضلة القلب ويسبب احتشاء كامل بجدار القلب وهو ما يطلق عليه جلطة الشريان التاجى”Acute Myocardial Infarction -AMI”.

ويستطرد استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية ومن الآلام الصدرية الناتجة عن أمراض القلب تلك الآلام المصاحبة لتقلص أو انقباض مؤقت بإحدى الشرايين التاجية السليمة والخالية من الضيق مما يؤدي الى أعراض مشابهة تماماً للذبحة الصدرية وتسمى الذبحة المختلفة “Variant angina pectoris” لاختلاف أعراضها وأسباب وجودها في كل مرة وهي لا تمثِّل خطر كبير على المريض إلا مع طول مدتها. ويكون التعرض المفاجئ للبرد، التدخين، صدمة نفسية أو عصبية من أسبابها في بعض المرضي. ومن الأسباب المنتشرة في الشباب الآن التقلص الشديد للشرايين التاجية المصاحب لتناول المخدرات خاصة الهيروين والكوكايين.

وهناك أيضاً ما يسمي بمتلازمة اكس “Syndrome X” وهي عبارة عن ضيق بالشرايين التاجية الدقيقة والمغذية لخلايا القلب مما ينتج عنه نقص تروية فعلي لعضلة القلب بالرغم من أن الشرايين التاجية الأساسية والممتدة على جدار القلب تبدو بدون أي انسداد أثناء تصويرها بالصبغة من خلال القسطرة القلبية التشخيصية. ومن الجدير بالذكر أنه وفي بعض السيدات اللاتي يعانين من الإصابة بسرطان الثدي وتعرضن لجرعات من العلاج الإشعاعي على منطقة الصدر والقلب قد يصين بضيق الشرايين التاجية الدقيقة الموجودة بين خلايا القلب مع نقص تروية فعلي لعضلة القلب بالرغم من أن الشرايين التاجية تبدو سليمة أثناء القسطرة القلبية التشخيصية.

ومن الأسباب الشائعة والتي يطلق عليها الآلام غير النموذجية والناتجة عن أسباب قلبية بعيدة عن الشرايين التاجية آلام تهدل أو سقوط الصمام الميترالي وهي آلام غير نموذجية غالباً. كما توجد أيضاً الآلام المصاحبة للضيق الشديد بالصمام الأورطى (الأبهر) أو الشريان الرئوي وما يصاحبهما من نقص تروية نسبي بعضلة القلب بمعنى عدم كفاية الدم الواصل لعضلة القلب نتيجة زيادة الطلـب له وليس نقص وصوله بسبب ضيق الشرايين التاجية. إضافة إلى أسباب أخرى ذات نسبة حدوث بسيطة منها تشقق الجدار الداخلي للشريان الأبهر أو الأورطي خاصة الموجود بمنطقة الصدر، وغالباً ما تكون مصاحبة لارتفاع ضغط الدم الشديد وذات طبيعة ألم مفاجئ وشديد.

وأحياناً أخرى تكون الآلام الصدرية نتيجة التكلس (زيادة نسبة الكالسيوم بجدار الشريان) الشديد في جدار الشريان الأبهر مع تقدم العمر أو التهاب جدار الشريان المصاحب لبعض الأمراض الأخرى مثل الروماتويد ، ملتزمة ( مارفان) . كما توجد أسباب أخرى لهذه الآلام الصدرية القلبية منها تخثر الدم بالشريان الرئوي أو جلطة الشريان الرئوي وغالباً ما تختلف الأعراض تبعاً لحجم الجلطة بالشريان وتكون عادة مصحوبة بتسارع التنفس المصاحَب بضيق وزيادة سرعة ضربات القلب.

وحول تشخيص طبيعة وأسباب الآلام الصدرية يقول د. حسام رماح:يتوقف تشخيص الآلام الصدرية على عدة عوامل منها (مكان الألم ، طبيعته ، فترة الألم الزمنية، الأعراض المصاحبة، الأسباب المؤدية للألم ، أسباب زيادة الألم وأسباب نقص الألم حال وجوده) وهي عوامل مهمة جداً لتفرقة الآلام القلبية من غيرها، حيث إنها تكون غالباً آلام متزايدة في الشدة في منطقة وسط الصدر خلف عظمة القص فى أي مكان من أعلى إلى أسفل وفي بعض الأحيان تكون في منطقه أعلى البطن وذات طبيعة عاصرة أو قابضة أو خانقة أو إحساس ضيق أو ثقل بالصدر. وغالباً يكون التأثر في منطقة حجمها مماثل لحجم كف اليد أو يزيد ونادراً ما يكون مكان الآلام محدداً في حجم الإصبع فقط. ً

تهاجم الآلام للمريض خاصة إذا كانت آلام ما يطلق عليها الذبحة الصدرية المستقرة بعد مجهود عضلي أو ذهني وفي كثير من الأحيان تكون بعد تناول وجبة دسمة مع التعرض لدرجات حرارة منخفضة أو برد شديد. غير أنه في أحيان أخرى تكون آلام مفاجئة وهي ما يطلق عليها الذبحة الصدرية غير المستقرة ولها نفس طبيعة الآلام المذكورة. وتعتبر الذبحة الصدرية غير المستقرة من أكثر الإصابات خطورة، حيث أنها المرحلة الأولى في طريق جلطة الشريان التاجي مع احتشاء عضلة القلب.

وعدد كبير من مرضى السكر المتقدم وكبار السن غالباً لا يشعرون بآلام الصدر كبادرة أولية للآلام القلبية لكن هناك أعراض أخرى مكافئة لأعراض القلب بدون الشعور بالآلام الصدرية ومنها الإحساس بضيق الصدر وتصعد النفس أو الإرهاق الجسدى العام والمفاجئ أو التعرق الشديد كذلك إحساس الغثيان والميل إلى القيء أو الشعور آلام في منطقة الكتف الأيسر ، الذراع واليد اليسرى خاصة الأصابع الداخلية منها وفي قليل من الأحيان تكون بالجهة اليمنى أو آلام في منطقة الرقبة أو اختلال ضربات القلب ومنها تسرع أو تباطؤ الضربات القلبية وكثيراً ما يكون هناك ضربات زائدة عن الضربات الطبيعة.