يظن الواعظ أن الله لم يهدي سواه فهو العابد الزاهد الذي سيدخل الجنة من أوسع أبوابها ويتقلب في نعيمها يمنةًوشمالا ، الواعظ يمتهن وظيفة من لا وظيفة له فالوعظ مهنة رابحة في عالمنا الثالث تفتح لصاحبها أبواب مغلقه وتقدمه في المجالس وتدفعه إلى مواقع وأماكن كان يُحلم بها ، في خطبة عيد الأضحى وقف على المنبر خطيب يُجيد دغدغة المشاعر وهذه صفة يجب توفرها في الوعاظ صوته جهوري مؤهله حفظ أقوال السلف والخلف فقط وترديد فتاوى شخصياتِ معينة كان لها نشاط حركي أيديولوجي فيما مضى ، ذلك الخطيب تجاوز مستغلاً مناسبة العيد وحضور النساء لأداء الصلاة في المسجد فقذف من قذف وتخطى الخطوط الحمراء ورمى بالتهم يميناً ويساراً ، فلا يعجبه اعتماد النساء والفتيات على أنفسهن ولا يؤمن بحقوقهن المشروعة ومن ضمنها حق العمل ولا يقدرها إلا إذا كانت خاضعة ذليلة تؤمن بما يؤمن به ذلك الواعظ وأمثاله فالإيمان هنا ليس الإيمان بالله فحسب بل الإيمان بنظريات المؤامرة والتغريب واستهداف النساء بشتى الطرق ، المشكلة ليست في الخطيب بل في المستمعين الذين اطرقوا روؤسهم لسماع ذلك الخطيب الجاهل ، وأيضاً في وزارة الشؤون الإسلامية التي تتغاضى عن تجاوزات أناس محسوبين عليها يتصدرون المشهد الثقافي والاجتماعي وكأن على روؤسهم الطير .
ذلك الخطيب وأمثاله كُثر فهو يعيش في زمنِ مختلف لكنه لا يؤمن بذلك يظن أنه سيُعيد العجلة إلى الوراء بكلامه العاطفي الخالي من اللباقه ولن تعود العجلة فالمجتمع تجاوز هرطقات الصحوة واقفل باب العواطف ووقف بوجه المؤمنين بهرطقات الصحوة الذين يظنون أنهم على حقِ وصواب ، العقاب شيء والحوار شيءُ آخر والرأي شيء والمنع شيء آخر فالحل الأمثل ليس المنع ولا ترك الحبل على الغارب مع ذلك الخطيب وأمثاله بل في فضح وتعرية أفكارهم بالحجة والبينة العلمية وإنزال العقوبة بحقه وبحق أمثاله ممن يُريد للمجتمع أن يكون خاضعاً وتابعاً لفكرةِ بشرية اكتسبت قدسيتها من مباركة شيخ أو واعظ مؤهله حفظ بعض الآيات وسطور من متون شرعية تنقالتها المجتمعات برضى وحُسن نيه ..