خلف العدوان الثلاثي على مصر، آثارا ما فتئت المملكة ساعية إلى جانب الدول العربية لإزالتها وتصفيتها بشكل ملائم، وأبرز هذه الآثار هو مرابطة قوات الطوارئ الدولية في شرم الشيخ، وذلك في عهد الملك سعود ” رحمه الله ” .

وعلى مداخل خليج العقبة وادعاء إسرائيل بحقوق مزعومة في هذه المياه العربية وكان لابد للمملكة العربية السعودية رد هذه المزاعم الوهمية بالحجج والأسانيد القانونية والتاريخية والجغرافية.

وحدد متحدث رسمي سعودي موقف المملكة العربية السعودية من المحاولات التي تبذلها إسرائيل فأدلى بالبيان الآتي بتاريخ 14 / 8 / 76: ” إن المحاولات التي تبذلها إسرائيل للمرور في خليج العقبة هي منذ اعتدائها على فلسطين وتشتيت سكانها الشرعيين . ويبدو أن أبواق الدعاية الصهيونية تحاول طمس الحقائق التاريخية والجغرافية والقانونية الخاصة بخليج العقبة.

فلقد كان ذلك الخليج ولا يزال منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنا الممر الطبيعي لقوافل حجاج المسلمين إلى الأماكن الإسلامية المقدسة وهو بهذه المثابة مفتاح مكة و المدينة المنورة ولم يكن لغير البلاد العربية والإسلامية الواقعة على هذا الخليج أية مداخلة أو سلطان عليه أثناء هذه القرون الطويلة.

وفضلاً عن ذلك فجغرافية الخليج اكبر دليل على أنه خليج مغلق، وأن مياهه مياه إقليمية خاضعة للسلطان المحلي للدول العربية الواقعة سواحلها عليه . وتأكيدا لهذا نصت المادة 3 من معاهدة القسطنطينية لعام 1888 ميلادية الخاصة بقناة السويس على أن أحكام هذه المعاهدة لا تنطوي على البلاد العربية الواقعة على الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر أي الحجاز حيث توجد الأماكن الإسلامية المقدسة، والمطلع على المفاوضات التي جرت لعقد المعاهدة المذكورة يدرك أن العلة لهذا النص هو تأمين سلامة البلاد الإسلامية المقدسة وكفالة الحرية لمرور قوافل الحجاج المسلمين في خليج العقبة دون أي عائق.

وتقرر أن هذا الخليج خليج عربي مغلق ليست له أية صفة دولية وان مياهه مياه إقليمية عربية خالصة. والحكومة العربية السعودية بوصفها الأمينة على الأماكن المقدسة الإسلامية وكذلك على سلامة طرق الحجاج الواقعة تحت سلطانها وولايتها لن تفرط في المحافظة عليها ولن تسمح بإنشاء أي حق لإسرائيل في خليج العقبة وستتخذ كافة التدابير للدفاع عن حقوقها التاريخية المشروعة في هذا الخليج. وكذلك للمحافظة على سلامة أراضيها ومياهها الإقليمية . وأن حكومة الولايات المتحدة قد أحيطت علما بموقف الحكومة العربية السعودية من هذه المسألة.

ثم أعاد المتحدث إلى الأذهان أن بعض الطائرات والسفن الإسرائيلية المسلحة قد اعتدت منذ حوالي أربعة أشهر على مواقع داخل الأراضي العربية السعودية على مدخل خليج العقبة وذلك في وقت كانت القوات الإسرائيلية تحتل شرم الشيخ الواقع في الأراضي المصرية مما يدل على نوايا إسرائيل المبيتة الرامية إلى اغتصاب حق المرور عبر الخليج وتهديد سلامة هذه المنطقة التي تعتبر من تراث العالم الإسلامي وسيؤيد المملكة العربية السعودية في دفاعها عن هذا الممر جميع الدول المحبة للسلام ” .

وبالرغم من هذا التحديد الواضح لسياسة المملكة العربية السعودية بالنسبة لخليج العقبة راحت بعض الأقلام المغرضة والألسنة الطويلة تشكك في هذا الموقف الصريح لأغراض بعيدة عن المصلحة العربية .

فكان أن صدر البيان الرسمي التالي: غنى عن التوكيد أن موقف المملكة العربية السعودية من خليج العقبة قد لقي تأييد الدول العربية أجمع ذلك أنه موقف يقوم على الحق والعدل، والمملكة العربية السعودية لا تفرط في حقوقها القومية والدينية ولا تدخر جهداً في سبيل الدفاع عنها بكل مر تخص وغال.

وخليج العقبة يقع في قلب البلاد العربية وهو جزء لا يتجزأ من الوطن العربي فضلا عن موقعه الاستراتيجي في ربط البلاد العربية بعضها ببعض زمن السلم والحرب مضافاً إلى أنه ممر رئيسي للحجيج الإسلامي في طريقه إلى بيت الله الحرام.

ومنذ ظهرت مطامع إسرائيل واعتداءاتها في خليج العقبة والمملكة العربية توالى جهودها واتصالها بالدول العربية الشقيقة لاتخاذ موقف موحد لاستئصال شأفة العدوان الإسرائيلي والاحتفاظ بخليج العقبة عربيا خالصا.وقامت المملكة العربية السعودية بإخطار مجلس الأمن بتلك الاعتداءات الإسرائيلية، والتحذير من مغبة الاستمرار في هذا العدوان. والمملكة العربية السعودية ماضية في طريقها للدفاع عن عروبة خليج العقبة بكل الوسائل التي تملكها غير آبهة بإرجاف المرجفين وأباطيل المبطلين، وليس على الذين ينشرون هذه الأراجيف ويظهرون الغيرة على خليج العقبة إلا أن يقفوا إلى جانب الجهود العربية لا أن يشنوا حملات كاذبة ما انزل الله بها من سلطان. هذا هو موقفنا الصريح من خليج العقبة، وسيسطرلنا التاريخ الحقائق الناصعة التي سيعلم منها الذين يعملون بإخلاص وغيرة وعزيمة للمصلحة العربية الخالصة ومن يعملون لخلق المشاكل والمتاعب وبث الأراجيف ” .

ومن أجل سلامة الحجاج القاصدين الأراضي المقدسة عن طريق خليج العقبة ورغبة في عدم تعريضهم للمخاطر حتى ينجلي الحال ويفصل في الأمر أصدرت الحكومتان السعودية والأردنية البيان المشترك التالي بتاريخ 15 / 11 / 1376هـ:

في أثناء الزيارة الملكية التي قام بها حضرة صاحب الجلالة الملك سعود ملك المملكة العربية السعودية إلى أخيه حضرة صاحب الجلالة الملك حسين المعظم ملك المملكة الأردنية الهاشمية كان من جملة الأمور التي بحثت مليا بين الجانبين موضع المسلمين القادمين بطريق البحر من ميناء العقبة إلى جدة . ولما كان الوضع الحالي في خليج العقبة هو وضع غير مأمون تتخلله اعتداءات إسرائيل في هذا الخليج العربي معتمدة في ذلك على وجود القوات الدولية التي تسهل لها حرية الملاحة في هذه المياه الإقليمية العربية. ولما كان من أهم الأمور التي يرعاها حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة العربية السعودية ويشاركه فيها جلالة أخيه ملك المملكة الأردنية الهاشمية هو ضمان سلامة الحجاج إلى بيت الله الحرام، وتأمين راحتهم في سعيهم لأداء الفريضة ولما كان الجانبان يريان أن سفر الحجاج بطريق البحر من ميناء العقبة عبر الخليج يعرض سلامتهم إلى الإخطار فقد قررت الحكومتان بناء على الأسباب السالفة الذكر الإعلان لجميع من يهمهم الأمر بان سفر الحجاج بطريق البحر من ميناء العقبة غير مرغوب فيه وقد اتفقت الحكومتان على اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ هذا القرار في 13 ذي القعدة سنة 1376 الموافق 11 حزيران سنة 1957 ” .

وصمدت الحكومة العربية السعودية في موقفها متمسكة بحقوقها المشروعة راغبة في الخروج من المشكلة بالوسائل السلمية مبرهنة أمام الرأي العام العالمي عن مدى تعلقها بالمنطق والهدوء والقانون مستعملة من اجل ذلك الخطوات المتزنة على الصعيد الدبلوماسي متعاونة مع سائر الدول العربية في هذا السبيل وصدر بهذا الصدد البلاغ التالي بتاريخ 28 / 11 / 76:

” على اثر ما وصل إلى علم حكومة جلالة الملك بشأن التعميم الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية إلى شركات الملاحة بصدد المرور في خليج العبقة وجهت حكومة جلالة ملك المملكة العربية السعودية إلى الحكومة الأمريكية بواسطة سفير جلالته في واشنطن مذكرة أكدت فيها حق المملكة العربية في مياهها العربية في خليج العقبة المغلق وإنها لا تعترف بأي حق من الحقوق للسفن الغير عربية بالمرور في هذا الخليج أو في المضائق المؤدية إليه وفي مساء يوم أمس استدعى سعادة سفير الولايات المتحدة الأمريكية في جدة إلى وزارة الخارجية وسلم صورة من المذكرة السعودية وذلك كي يقوم بتبليغها إلى حكومته وسينشر النص الكامل لهذه المذكرة بعد وصولها ” .

ثم جرى نشر المذكرة التي أبلغت للخارجية الأمريكية عن طريق سفارة صاحب الجلالة الملك في واشنطن .