تلقى مجمع البحوث الإسلامية وهو أحد الأذرع الشرعية لمشيخة الأزهر الشريف، سؤالا حول حكم إحرام المرأة الحائض.

وكان نص السؤال من خلال الصفحة الرسمية للمجمع كالتالي: ” هل يصحُّ إحرام المرأة حال حيضها ؟ وهل لها أن تتناول دواء يؤخر نزول الحيض؟ “.

وجاء رد لجان الفتوي بالمجمع كالتالي: ” أجمع الفقهاء على صحة إحرام الحائض والنفساء، وأن الحيض والنفاس لا يمنع صحة الإحرام، وقد حكى الإجماع على ذلك كلٌ من الإمام ابن عبدالبر والإمام النووي، ولذا يستحب لها الاغتسال للإحرام، لكنه ليس لها أن تطوف بالبيت حتى تطهُر وتغتسل؛ إذ من المعلوم شرعا أنه يصح من الحائض والنفساء جميع أعمال الحج والعمرة إلا الطواف وركعَتَيه.

فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع النبي ” لا نذكر إلا الحج فلما جئنا سَرِف – موضع على ستة أميال من مكة- طَمِثْتُ، فدخل عليَّ النبي وأنا أبكي فقال: “ما يُبْكِيكِ؟ قلت: لوددت والله أني لم أحج العام، قال: لعلك نُفِستِ؟ – أي حِضتِ- قلت: نعم، قال: فإن ذلك شيء كتبه الله على بنات آدم، فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري “.

وأضافت لجان الفتوى: ” يسقط عنها طواف القدوم وطواف الوداع، أما طواف الإفاضة فلا يسقط عنها؛ لأنه من أركان الحج “.

أما سقوط طواف القدوم عنها فلما ثبت عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في رواية مسلم، قالت رضي الله عنها: “فلما كان يوم النحر طهُرت، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفضت ” ، ووجه الدلالة: أنها لم تطف للقدوم، وذلك أنها حاضت قبل القدوم إلى مكة، فأمرها النبي- صلى الله عليه وسلم – أن تفعل ما يفعله الحاج إلا الطواف بالبيت، فلم تطهر إلا يوم النحر، فطافت للإفاضة. وأما سقوط طواف الوداع عنها كذلك: لحديث ابن عباس- رضي الله عنهما- : ” أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الحَائِضِ ” متفق عليه.

أما طواف الإفاضة فلا يسقط بحال؛ لأنه من أركان الحج، ولأنه لا يُجبر تركه بفدية ولا كفارة، ولذا فإن عليها أن تنتظر حتى تطهر فتطوف بالبيت الحرام، لكن إذا دعت الضرورة أو الحاجة المعتبرة كخشية فوات السفر أو التأخُّر عن الفوج الآمن الذي هي بصحبته؛ فلها الأخذ بما ذهب بعض متأخري فقهاء الحنابلة إلى أنه يجوز للمرأة التي اعتراها الحيض أثناء أدائها شعيرة الحج؛ أن تدخل البيت الحرام وتطوف، بعد الغُسل وإحكام الشد والعصب، وأنه لا فدية عليها في هذه الحالة؛ وهو ما عليه الفتوى وذلك باعتبار أن حيضها مع ضيق الوقت والاضطرار للسفر يُعدُّ من الأعذار المعتبرة شرعًا، فالضرورات تبيح المحظورات.

أما إذا اختارت المرأة الإقدام على دواء يدفع الحيض، فالذي عليه الفتوى هو جواز تناول المرأة دواءً يمنع الحيض بشرط أن تأمن الضرر على بدنها، ويُعرف ذلك بالقرائن ولذا نص الإمام أحمد في رواية صالح في المرأة تشرب الدواء يقطع عنها دم الحيض: إنه لا بأس به إذا كان دواء يُعرف»، كما اشترط الإمام أحمد استئذان المرأة زوجها في تعاطي هذا الدواء. وإن كان الأولى هو التمسُّك بالأصل، وعدم الإقدام على تعاطي دواء يرفع الحيض.

ويجوز تعاطي هذا الدواء لما فيه من المصلحة للمرأة؛ كعدم انتظارها بمكة حتى تطوف طواف الإفاضة؛ وهي مصالح معتبرة متحققة.