ظهر مؤخراً وسم #السعوديةتحبالإمارات الذي تصدر تويتر، وبه دلالة أن شعب البلدين على دراية ووعي ووئام أمام موجة الإشاعات، الجميع يعلم مدى حقد النظام القطري على جيرانه واستغلاله أية أمور من شأنها تأليب الرأي العام العربي والخليجي فيما بينهم، وحتى لو تطلب الأمر الاتهام بخيانة الصديق بين الطرفين لهدف مغرض ومنظم أساسه زرع الفرقة!

وبعض السذج نسي أو تناسى أن هنالك مصالح مشتركة ومصير مشترك و(أخوّة متجذرة) واتفاقيات استراتيجية ومبادئ ومعاهدات ومجلس تنسيقي على مستوى رفيع بين الشقيقتين المملكة العربية السعودية و دولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أنه لابد أن نعي أنه من الطبيعي جدا أن لكل دولة أسبابها ومصالحها الخاصة بما يخدم أمنها القومي وأمن مواطنيها، فهي تتخذ إجراءاتها لتحمي حدودها ولضمان ديمومة استقرارها واقتصادها، وكلنا سمعنا عن الاجتماع الإماراتي مع الجانب الإيراني حول موضوع (خفر السواحل)، فللتوضيح الاجتماع المنسق بين الجانبين هي قضية قديمة متجددة يعرفها تمام المعرفة من يعمل في مجال الصيد والإبحار -وخصوصا القطريون- الذي دائما ما تحصل بعض الأخطاء بحسن نية بالدخول إلى المياه الإقليمية للطرف الآخر، مما يتخذ الأخير إجراءات قاسية ضد طاقم البحارة -الذي منهم من يحمل جوازات بحرية لدول أجنبية وهي تختلف عن جوازات السفر العادية ويخضع حاملوها لقوانين أعالي البحار الدولية-تصل إلى الحبس إلى أجل غير مسمى أي دون صدور أي حكم قضائي!

ومثل هذه الاجتماعات اعتيادية بين الدول حتى في حال عدم وجود التمثيل الدبلوماسي وهي لا تعبّر أبدا عن وجهة النظر السياسية للدولة ولا تعني أنها تخون وغيرها من المصطلحات المطاطية الهادفة للفتنة، بل مثلها موجود تاريخيا واقتصاديا على المستوى الدولي كما هو الحال مع منظمة أوبك وغيرها من المنظمات الاقتصادية، ومثل هذه الاجتماعات التي تحصل بين الدول تهدف إلى إرساء الضوابط بما يحمي حدود دولها وأمن مواطنيها.

كنت أرجو من إعلامنا أن يأخذ الموضوع على محمل الجد لا أن يتخذه كأنه خبر عابر، وفي الواقع التقصير في مثل هذا الموضوع قدم مادة جاهزة للقنوات الإعلامية المعادية أمثال الجزيرة وأخواتها، فربطت مسألة قرار الإمارات بإعادة انتشار قواتها الإماراتية في اليمن مع الاجتماع الذي تم حول نطاق ((خفر السواحل)) برسالة إعلامية قذرة هدفها نشر الوقيعة والفتنة بين الشعبين السعودي والإماراتي مع أن قرار إعادة انتشار-وليس انسحاب- القوات الإماراتية جاء بالتنسيق والعلم المسبق مع القيادات السعودية والتحالف العربي.

وكلنا يتذكر استغلال تلك الأذرع الخبيثة حادثة ذلك الدعي الذي زار المسجد الأقصى في نشر فكرة مفادها أن السعودية والإمارات خانوا القضية الفلسطينية ونجحوا في تأليب إخوتنا العرب ضدنا مع العلم أن ذلك الدعي لا يمثل سياسة ولا دولة وتوجد تأكيدات مستمرة من قيادات البلديْن بأحقية الفلسطينيين في قضيتهم وأنها قضية تهم العالم العربي والإسلامي، لكن هي مهارة استغلال الحدث في إقناع الرأي العام برسالة مبطنة. وللأسف بعض الأقلام لم تنظر بحكمةإلى الحقائق و استبيان الأمر والتطرق إليه بموضوعية فهي مسألة عادية تحصل لدى العديد من الدول.

أخيرا، برأيي وسائل الإعلام -الإخبارية بالذات والمحسوبة على دولنا- تحتاج أن تركز في رسالتها الإعلامية لتصل إلى الرأي العام العربي والعالمي، ولا يكفي أن تكون مقتصرة فقط في إقناع الرأي العام الخليجي، على غرار الإعلام المعادي الذي يسخّر كافة الوسائل وينشط في تسويق مبررات وحتى لو كانت بسيطة في شق الصف، لدرجة نجاحها في إقناع شريحة كبيرة من الشارع العربي ومحاولة استعدائهم فيما بينهم مستغلة سذاجة العقول عبر أذرعها و ذبابها الإلكتروني.

العجيب أن مساهمات وأعمال أصحاب قنوات اليوتيوب من جنسيات عربية مختلفة وبعض المنصات الإخبارية الإلكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي كانوا أكثر تفاعلا وإقناعا وتأثيرا لإيصال الحقيقة إلى الشارع العربي وهم يتعرضون إلى محاولات إغلاق حساباتهم في منصات التواصل الاجتماعي-وقد نجحوا في بعضهم! -،مما يدل أن القنوات الإخبارية تأثيرها محدود فالأفضل أن تبتكر أو حتى تقلد وليس في التقليد عيب!