كتب د.أوس سليم..استشاري الجراحة العامة بالحمادي عن الأغذية الواقية من التحول السرطاني:

 تظل كلمة سرطان عنصر خوف وإثارة في نفوس البشر محدثة تشاؤماً يغلف عموم حالات حياة الأفراد وقد يعلق الكثير من البشر إنتهاء الأمل بالحياة إزائها.
فهل يعقل إزاء هذا كله أن تكون هناك في وجباتنا اليومية أغذية تحمل وقاية فعلية مبنية على أسس علمية ضد نشوء التحول السرطاني في الجسم والجواب القاطع هو أن تلكم الأغذية موجودة فعلاً وذات حضور فاعل في ديمومة صحة الإنسان وتمكينه من التفوق على السرطان .
وكما نتعرف على ميكانيكة عمل هذه الأغذية لابد من الولوج في مداخل ومخارج حيثيات التحولات السرطانية في جسم الإنسان .
يتكون السرطان حينما تخرج خلية واحدة من بين بلايين خلايا الجسم عن سيطرة تنظم برمجة النمو فتكسب نظاماً ذاتياً للنمو ويحدث هذا كله من خلال أخطاء جينية موروثة تنتظر اللوازم الممكنة لظهور أدوارها السلبية فهناك ممكنات بيئية وغذائية تساعد الأخطاء الجينية على التمكن من إبراز خصوصياتها السلبية، وأشعة الشمس مثلاً تساهم مساهمة أساسية من خلال طيفها البنفسجي في نشوء سرطانات الجسم وخصوصاً إذا تظافرت هذه الأشعة مع حوافز سرطانية موجودة في الجو مثل: الأسبستوز ، والتدخين يحمل فعلاً سرطانياً مباشراً مبني على إحتواء الدخان على مواد مسرطنة مثل: البنزيايرن، والفاتيروس اسيت، وكذلك الدور المباشر للدخان ذاته في إنتاج تحول سرطاني من خلال المادة السامة فنيل كلورايد، وهناك التعرض الخاطيء للأشعة السينية المستعملة في الدوائر الطبية لتشخيص الأمراض وعلاج بعض منها حيث أن هذه الأشعة تحمل القدرة على احداث إنكسارات في الحامض النووي المتواجد في نواة الخلايا وقد ينتج عن بعض من هذه الإنكسارات تحولات جينية تسمح بنشوء السرطان أو أن تمكن أخطاء جينية موجودة أصلاً ومستترة من أن تتسلح بقدرات تمكنها من الظهور. ومن ثم بداية التحول السرطاني،والسمنة ارتبطت بالتحول السرطاني حيث معلوم أن أكسدة الشحوم تنتج كميات من مشتقات الأكسجين قادرة على الإخلال بنظم السيطرة المتواجدة في نواة الخلية ومن ثم إخراجها عن نظام النمو الأساسي للجسم.
إن كثيراً من الحالات المرضية عرف عنها القدرة على إحداث تحولات سرطانية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر الإرتجاع المستمر من المعدة إلى المريء والذي يستطيع أن يحدث تغيراً في هوية خلايا الجزء الأسفل من المريء مما يجعلها عرضة للتحول السرطاني، والإستئصال الجزئي للمعدة ممكن لإفراز المادة الصفراء من إحداث تهيج نسيجي مستمر في الجزء الباقي من المعدة مما يمهد بعد فترة تتراوح بين 15 إلى 20 سنة لتحول سرطاني في نسيج المعدة ، وإلتهاب القولون الشامل والمبتديء بأعمار صغيرة والمكتسب لدرجة عنف واضحة فيصل من خلال استمرار تهيج أنسجة جدار القولون بإحداث تحول سرطاني يؤدي إلى نشوء سرطان القولون، وبعيداً عن هذا كله فهناك أغذية متواجدة في وجباتنا اليومية أثبتت علمياً إتصالها بالقدرة على إحداث التحولات السرطانية حيث أنه قد ثبت بالدليل القاطع ارتباط سرطان المريء والمعدة بتناول الأغذية المتبلة لما تحويه من مادة النايتروس اس، وكذلك علاقة سرطان المعدة بتناول اللحوم والأسماك المحفوظة بالملح أو المدخنة ، كما أن هناك علاقة غير مباشرة بين سرطان البنكرياس وتناول كميات عالية من القهوة ، أما الدهون فإن هناك إتفاق على أنها عنصر فاعل في التحولات السرطانية التي تشمل المعدة والبنكرياس خصوصاً في الأفراد ذو البدانة المفرطة ومن هنا يظهر أن بعض الأغذية والبدانة والتدخين تلعب دوراً هاماً في مساعدة الإضطرابات الجينية المسؤولة عن نشوء السرطان والتي ما كان لها أن تضطرب أن قدم لها مناخ يتيح عدم استغلالها اضطرابات تساعدها على التحول من جينات طبيعية إلى جينات سرطانية، ومنا هنا تتضح الفكرة الجوهرية بأن السرطان كيفما يوجد يحتاج إلى تخول في الجينات .
تبدأ عملية نشوء السرطان من تحول جينات السيطرة على النمو إلى جينات سرطانية لا تتبع نظام نمو الجسم وتبدأ بالنمو اللامحدود ، وعلى حساب الأنسجة المحيطة وبدون أن يكون النمو المستقل أية فائدة للجسم وتكتسب الخلايا الحاوية على الجينات السرطانية مناعة ضد الموت مع اتساع كبير في تناميها وتكاثرها ، يعقب ذلك الخروج من محيطها إلى المسارات اللمفاوية أو الأوعية الدموية فتنتقل إلى أجزاء أخرى إلى الجسم محدثتاً إنتشاراً في مواقع لا تمت لنسيجها الأصلي ، وبذلك يتعدى دور السرطان الدمار الموضعي نتيجة اتساعه في منشأة إلى دمار يقع على مواقع أخرى من الجسم .
وبعيداً عن تشخيص السرطان طبياً وعلاجه فإن البداية يمكن أن تكون بالفرد الذي من خلال وعيه يتعرف على طرق وأساليب الحماية من التحولات السرطانية فالإبتعاد عن أشعة الشمس لفترات تحوط ضد آثار سلبية لا يمكن اغفالها والأمتناع عن التدخين إزالة لعنصر أثبت وجوده في عمليات التحول السرطاني في جسم الإنسان وليس فقط بالعلاقة مع سرطانات الشفة واللسان والرئتين وإنما أبعد من ذلك إلى البنكرياس ، والإمتناع عن الأطعمة المتبلة واللحوم والأسماك المخزنة بالملح وقاية ضد سرطانات المريء والمعدة وانقاص الوزن عنصر فاعل في تقليل أكسدة الشحوم داخل الجسم واتباع كميات عالية من مشتقات الأوكسجين المضعفة للمناعة والباعثة على أضرار كبيرة بخلايا الجسم ومنها تهيئة مناخ مناسب لجينات النمو للخروج عن نظم سيطرة الجسم والدخول في خانات التحول السرطاني ، وإن كان هذا كله فعل في مجرى الوقاية فإنه بات معلوماً أن هناك أغذية نتناولها يومياً ثبت بالدليل العلمي القاطع إقتدارها على مقارعة التحولات السرطانية وبات على رأس هذه الأغذية مضادات الأكسدة المتمثلة بالجزر والجرجير والعنب حيث تقدم منظومة إزاحة لمنتجات الأوكسجين المدمرة للأنسجة كذلك فأن الحنطة وبالذات قشرتها تعطي مادة الكلوفامين الواقية لهيكلية النسيج المخاطي لجهاز الهضم مع توفير أفعال مضادة للأكسدة عن طريق إنتاج مادة الكلوتاتايون كذلك فإن إستعمال العسل صباحاً قبل تناول أي شيء لغسل الفم عبر 30 ثانية شريطة أن لا يكون قد خفت بأي سائل يضمن إزالة حجم البكتريا المعششة في الجوف الحلقي عبر النوم مما يعدم قدرتها على إحداث اضطرابات في التوازن المتواجد بين بكتريا جهاز الهضم السفلي. وتمكين اضعاف نظام مناعة الجسم والذي يلعب أدواراً لا يستهان بها لتحفيز الوقاية من السرطان. ولقد ثبت أخيراً أن الرمان يحمل فعلاً وقائياً ضد سرطان البروستات ويبدو من الوارد ذكره أن تضافر جهود ديمومة الصحة وإبعاد عناصر الضرر مع التركيز على استعمال الأغذية الواقية ضد التحولات السرطانية هي افعال تصب في خانة تفعيل ممكنات الصحة .