ضغوطات وعقوبات اقتصادية زادت من تضييق الخناق على النظام الإيراني مما جعله يمارس استفزازاته علناً، حتى الجهود الدبلوماسية التي قادها المتألق الياباني آبي باءت بالفشل ولم يحظَ بالاحترام والتقدير لهذه الزيارة النوعية من حقبة السبعينيات !

يكاد الأغلب يجمع ويعرف من هو المعتدي في الأحداث الأخيرة في خليج عمان –عدا الصوت الموالي للفرس- ، أصدقاء الأمس الروس والصينيون لزموا الصمت إلا تصريحات خجولة منهم محذرةً من انفجار الوضع ويعرفون أن مآل هذه الاستفزازات إن استمرت لن تحل المعضلة بل ستزيدها تعقيداً وتهدد مصالحهم المهمة مع دول الخليج العربي. دولنا ما زالت تبيع النفط وسعر البرميل مرشح للارتفاع والزبائن هم المتضررين مع الأخذ بالاعتبار سعر تأمين النقل البحري تضاعف وهذا يعني زيادة في التكلفة التشغيلية على الزبائن و منطقتنا الجغرافية عموماً تعتبر من أهم المناطق الحيوية وهي مصدر ترابط تجاري مهم للمصالح الآسيوية والأجنبية وأية تهديدات أو مغامرات سيعرض الشريان الاقتصادي العالمي للخطر وهذا يعني تأخير أو تأجيل الخطط التنموية لتلك البلدان ويضع أمنها الاقتصادي على المحك .

التفوق العسكري بالطبع لصالح الولايات المتحدة الامريكية وهي لن تستعجل الأمر فهي تريد مصلحتها أولا وأخيراً وترامب يدرك أن الحصار والعقوبات الاقتصادية المستمرة ستثمر نتائجها قريبا بقبول النظام الإيراني للمفاوضات الأمريكية وطلبات دول الخليج العربي بوضع حد للتدخلات السافرة في الشؤون العربية وتهديدها المستمر لأمنها القومي، فإن عاند النظام الإيراني فمصيره سيقع بين يدي شعبه الذي لن يتحمل الحصار فترةً طويلة وما محاولاتهم الأخيرة لتفجير الوضع إلا لمصلحتهم في امتصاص الغضب الداخلي ومحاولة أيضاً لكسر الحصار بمنح العذر أمام المجتمع الدولي بقبول المفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية على نحو مغاير يحقق ولو الانتصار الضئيل لمصالحهم وتطلعاتهم، باستثناء السيناريو المرعب إن طبقه الجانب الإيراني ببدء الهجوم وجعلها حرب مفتوحة وهذا ما استبعده العديد من المحللين والمطلعين الاستراتيجيين والعسكريين لأنه سيخلق عداوة ضدها من المجتمع الدولي.

إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية أدركت أن لا ضربة عسكرية دون ضمان الحشد الدولي مما يعطي الشرعية اللازمة أي القبول بأن الممارسات الإيرانية على المياه الإقليمية الدولية ستسبب الإضرار والتهديد للمصالح الدولية بالذات على دول مثل الصين وحتى أوروبا ، وأول البوادر تحرك الإنجليز ومع الوقت ستلحقها بقية الدول الأوروبية المؤثرة.

تصريحات الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد والأمين العام لجامعة الدول العربية أبو الغيط كانت واضحة مفادها بأننا نحن لسنا دعاة حرب، لكن أيضا قدراتنا الدفاعية على أهبة الاستعداد وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل المسؤولية المشتركة في أمن المنطقة من هذه الاستفزازات المستمرة، وأيضا أية اتفاقية أو مفاوضات مستقبلية مع الجانب الإيراني لا يمكن تحقيقها دون إشراك عملي لدول مجلس التعاون لضمان جدية التنفيذ وبالتالي وضع حد لتصرفات النظام الإيراني وتهديداته المستمرة عن تحريك ودعم الطابور الخامس من العملاء والمرتزقة الذي ابتُليت به عدة دول عربية – وما زالت- وجعلت ضحاياها بالألوف بين قتيل وشريد.

إيران لابد أن توقف سياستها “الثورية” وتصدير فكرها إلى الخارج وتمويل الميليشيات الإرهابية والتدخل في شؤون الغير، تلك السياسة تقودها مجموعة عصابة اتخذت الإيديولوجيا المذهبية في نشر الكراهية والعنصرية ضد السنة ونهب خيرات البلد الغنية التي لم يتنعم بها الشعب الجائع المظلوم والمغلوب على أمره، فلم يستفد لا من خطط تنموية تجعل من بلده في مصاف الدول المعتدلة والغنية ولا بتوفير أدنى متطلبات العيش الكريم لمواطنيه وهو الاستقرار الأمني، فجعل من سمعة الإيراني محط أنظار العالم .

وأخيراً الواقع الإيراني إن استمر على وضعه كمثل الأسد حينما يجوع يأكل أشباله أو العكس ستأكل الأشبال ربتها، فهل آن الأوان لدى عقلائهم بفتح صفحة جديدة تكسوها السلام دون شوائب أو تُقية؟ الكرة الآن في ملعبهم.