الجهاد وما آدراك ماهو ، هو الموت في سبيل قضيةِ ما طوعاً لا كُرهاً وقد تكون تلك القضية بعيدة كل البُعد عن الصواب ، فكم من نفسِ ماتت في سبيل قضيةِ ابتكرها شخصُ مجهول غرته الشعارات وقصص التاريخ فنشر الخراب والدمار بإسم الجهاد في سبيل الله واستباح كل شيء حتى المحرمات التي لا خلاف حولها ، الجهاد مُقدس وذو تأثير كبير وقد حاول هتلر توظيف مفهوم الجهاد الإسلامي في مغامراته الدموية مثلما حاول كثيرون قبله وبعده ممن آدمن رائحة الدم والمكاسب التي سيجنيها جراء استغلال الأجساد والأرواح في حروبِ كافرة ، الصحوة من أكثر التنظيمات التي استغلت ذلك المفهوم “الجهاد” ووظفته على طريقتها فخرج من بين اظهرنا من يكفرنا ويستبيح دماءنا لانه هو الوحيد المسلم المجاهد الصامد في وجه الكفر واهله ، الصحوة التي عاثت في العقول والنصوص فساداً لم تُربي وتُعلم النشء على أن الإسهام في تنمية الأوطان والدفاع عنها ضرباً من ضروب الجهاد بل علمتهم أن الأوطان أوثان والدفاع عنها حرام ، لو كانت الصحوة فكرة عاقلة لما استغلت عواطف الشباب والشابات اللواتي انخرطن طوعاً وكُرهاً فيما يسمى بجهاد النكاح وصدقن مقولات الصحويين عن الحجاب وعذاب من لم تتمسك به وطاعة الزوج وانهن جاريات للأزواج ولغيرهم إذا وقعن بقبضة المجاهدين الصعاليك الخ قائمة المهازل الفكرية الصحوية ، لو أن دعاة ووعاظ الصحوة كانوا على حقِ مراعين لمتغيرات العصر أمناء على النصوص الواضحة الصريحة ولا يسقطونها ويفسرونها كيفما شاءوا لقالوا إن الجهاد الحقيقي والمُقدس في العصر الحالي هو الإسهام في بناء الأوطان والتحلي بالأخلاق والانضباط وتربية النشء تربية سليمة وتغذيته بالمعرفة ونشر المعارف والوقوف صفاً واحداً ضد من يحاول المساس باللُحمة الوطنية ، هذا هو الجهاد الحقيقي الذي كانت الصحوة ورموزها يرونه عبثاً وهرطقة ، فجميع تيارات الإسلام السياسي وتنظيمات الإسلام السياسي الدموية لا ترى الوطن إلا حفنة تُراب وترى العمل الوطني كُفرُ لأنه يختزل مفهوم الأمة ويقف ضد الدين بطريقةِ واضحة وصريحة ، الوطن بحاجة لمجاهدين حقيقيين وهم كُثر والمجال واسع فالجهاد الحقيقي ليس حمل السلاح وقتل المسلم لأخيه لمجرد اختلاف وجهات النظر فيما بينهما وليس قتل غير المسلم لمجرد أنه يتقرب إلى الله بطريقةِ مختلفة بل هو العمل بإخلاص كلُ حسب طاقته وتخصصه والانخراط في العمل التطوعي والدفاع عن الوطن اعلى درجات الجهاد واشرفها ، لو كان لدعاة الصحوة ورموزها عقول نيره لوقفوا مع الوطن ووجهوا حماسة الشباب وطاقاتهم بإتجاه الوطن إيجاباً لا سلباً لكن عقولهم مصابة بداء الأُممية وقلوبهم ملأ بالكراهية فهم يكرهون الوطن لأنه لا يؤمن بما يؤمنون به من كُفر يُخرج المجتمع من المله ..
بعد أن بدأت سحابة الصحوة في الإنحسار وبدأ الظلام يتبدد نستطيع أن نقول لوطننا حيّ على الجهاد حيّ على العمل حيّ على البناء ومشاركة المرأة حيّ على الفنون والجمال حيّ على الوعي والتنوير حيّ على الإخلاص حيّ على كل شيء كانت الصحوة تقف ضده سداً لذريعة الشيطان الذي لو نطق لتبرأ من تلك الذرائع مثلما يتبرأ اليوم دعاة الصحوة من جرائمهم التي لا تُنسى.