مضى شهر رمضان هذا العام، ونحن بين قضيتيْن: الأولى اعتذار الشيخ عايض القرني، والأخرى إحدى النتائج من ذات الملف.
ليس التعليق على هذا الشأن، ولكن التساؤلات ما زالت تأخذني لمساحة أخرى!
لماذا نختزل النهج في الدين والعقيدة في الأشخاص، ونرمي الضلال الفكريَّ أو الخللَ العقديَّ فوق سقف المدارس؟ القضية التي ضلَّ فيها غالبية المجتمع هي أننا حصرْنا الدين في هذا أو ذاك.
ثم لماذا نواجه قضايانا بأزمة أخرى للوعي الثقافي؟!
لمَ نعكس ثقافتنا بالقدْر الذي واجهنا فيه الاعتذار الشهير؛ إمّا من أصحاب الصدور الضيقة، أو من المتوارين برأيهم خلف الستار خشيةَ الألسن؛ فانشقَّ الصفُّ، واتسع الفتق على الراتق!
في القضية الأخرى أيضًا يغيب فيها وعن بعضنا السلوك الثقافيُّ، انسكب الماء على الزيت خلالها، تناقلنا صورَ الأبناء وربطنا الشنيعة بنشر سيرتهم الذاتية، حتى وصلْنا إلى لمس شريحة من مجتمع كامل لا ناقة له ولا جمل..
ومع استمرار الصفوف في دفع الحُجة بالحُجة، وتبادُل النظائر؛ تأتي على الخط الساخن كارثةٌ أشهر تقول إنَّ ” الإلحاد عقيدة! ” ، و ” الصلاة بالإيماء ” !
المعركة توقفت هنا؛ فمن قال بهذا أقرَّ أنه توقَّف عن الدراسة في السادسة عشر من عمره؛ ليبرئ ساحة الدين والمناهج والمعلمين والمدارس، وتعود دائرة الاتهامات من جديد تدور حول نفسها: مَنْ أضلَّ مَنْ!
إنها – باختصار – مسألة الاعتقاد، ثم البحث عن الاستدلال جعلا من الضلال الفكريَّ العقديَّ المشهود اليوم جريمة نكراء نتملص منها ونغلق عن الجميع أنفسنا، نتوارى خشيةَ أنْ نعرض رأينا فتلتصق بنا إحدى دوائر التصنيف التي تتقاذفها الألسنُ اليوم، ونلصق الدين في كل دائرة؛ لكننا لم نعِ – ولن نعي – النصف الفارغ من الكأس حتى الآن.
رمضان هو الشاهد على عام المكاشفة لمجتمعنا فكرياً أو سلوكياً وثقافياً، والعودة تلزم كل الصفوف، لا المدارس أصبحت مسؤولة، ولا الدين له علاقة أبدًا، إلا أننا أمام الاعتقاد الذي تنامى عن جهل صاحبه وبحثه عن الاستدلال لإثبات أو نفي هو ما يلخص المشهد، ويربط الأحداث بالأحداث.
أخيراً، آنَ للحقيقة أنْ تمد ساقيها؛ فمَن ضلّ ومَن أضل توقَّف عن النهل من نبع تعليمنا السامي، وابتعَد عن العقيدة السليمة. ولا يسعني هنا إلا أنْ أتمثَّل قول القائد المليك – حفظه الله –: ” لا مكان بيننا لمتطرِّف أو مُنحلٍّ ” .