نهتم كثيراً بمظاهرنا حتى في أبسط الأشياء فالمظهر هو الأصل وما عداه لا قيمة له ، نفرط كثيراً في الاعتناء بمظاهرنا لدرجة أن البعض قد يستدين لترميم مظهره حتى لا يُصبح عُرضة للقيل والقال وكفانا الله وإياكم شر ذلك المرض الذي أُبتلي به كثيرُ من الناس ، مظاهرنا تختلف جذرياً عن مخابرنا ولك أن تتخيل عزيزي هذه الحقيقة وتُفتش يمنةً ويسره لترى بأم عينك هذه الحقيقة التي جعلتنا أجساداً بلا أرواح ، اهتمامنا بالمظاهر نابعُ عن مرض مسكوت عنه فقد يكون السبب مرض نفسي مُزمن وقد يكون تقليد ومحاكاةُ للآخرين وكلا الأمرين مرض فالتقليد مرض شرهُ مُستطير ، كل شيء يُحيطُ بنا يتعرض للتشويه الذي رأسه الإهتمام بالمظهر حتى ملابسنا وصلت لها حُمى التقليد واصبحنا نرتدي ما يُرضي الأخرين لا ما يُرضينا ، نحنُ أُمةُ مظهرية لا مخربية فمساجدنا ودور العبادة تسلب لُب العاقل من فرط زينتها ولو تأملنا فيما يجاورها من مساكن لوجدناها قديمة متهالكة ويسكنها فقراء لا بواكى لهم ، ليست وحدها المساجد ودور العبادة بل حتى الطُرقات وأقصد بالطُرقات هنا زينتها الظاهرية من دوارات وتشجير وإنارة خصوصاً في المُدن الكُبرى ، حُمى المظاهر لم تُصب الجمادات فحسب بل حتى عباراتنا وخُطبنا وحديثنا الذي يبدأ بالكذب ومجانبة الصواب وينتهي بذلك ، نكذب ونهتم بالمظاهر حتى في أحلامنا ، التميز ليس في المظاهر بل في المخابر فمن كان مخبره نظيفاً راقياً فمظهره سيكون كذلك ومن كان مظهره جيداً فليس بالضرورة أن يكون مخبره جيداً ، لنتخلص من المظهريه الكاذبة ولنركز على دواخلنا التي بدأت تموت ،لنُعيد احياءها من جديد ونبث فيها الحياة ونُسقيها بالحب والجمال والسرور فمخابرنا الجافة لم تعد تحتمل مظاهرنا الكذابة التي سئمت منا بعدما صدقنا أنها هيّ الحقيقية وهيّ ليست كذلك.