تياران اتخذا منطلقا في عدد من الدول العربية التي تعطي مساحة وصلاحيات لتشكيل الأحزاب السياسية، والتياران لم يحققا أية عملية تنموية في تلك البلدان بل منهم من تآمر عليها لشهوة السلطة أو الخيانة طمعا بالمال والدنيا.

لا فرق بين الإثنين فكلاهما يتلونان لمصالحهما، فالأول متشدد بأفعاله لدرجة أن جعل الناس منغلقين والآخر متفتح بأفعاله ويحاول أن يجعل الناس منسلخين -عفواً -مثقفين وفق نظرهم!

كلاهما متنطع ومتطرف لفكره وكلاهما يشوهان الإسلام الوسطي المبني على منهج السنة والجماعة والسلف الصالح، وكلاهما يؤثران على فكر المواطن العربي و يسعيان للخراب و يأتلفان لتهديد استقرار الدولة، فالصحوي خطابه كان ومايزال يتحدث باسم الدين والجهاد تحت غطاء تحرير القدس ويفسر القرآن على هواه ويتشدد في أمور تعتبر عادية ويطلق أحكاماً دون مراعاة ويتغنى بالرموز الوطنية، والتنويري يرتكز خطابه على التحرر والمساواة بلسان حقوق الإنسان وأن الدين فيه يسر كبير ويعظم ويبجل ثقافات وعادات الشعوب ويحتقر كل ملتحي ومتنقبة ومتحجبة في تناقض واضح، ويضلل تأويل القرآن وفق هواه ومنهم من يرى أن لا كتاب صحيح إلا القرآن والبخاري مشكوك فيه! ويتملق أيضا للرموز الوطنية .

التيار الصحوي مدعوم من حركة الإخوان خرج من رحمه تيارات متطرفة أمثال داعش والقاعدة وغيرهم ممن يتبنى مفهوم حركات الإسلام السياسي،التيار التنويري أيضا مدعوم من الإخوان ويدور في رحاه القرآنيين والليبراليين والعلمانيين وغيرهم.

كلاهما يمارس الوصاية على الناس وكلاهما شر ووبال على أمن الدولة الوطني؛ فهما يغذيان التطرف لدى العوام بتقسيمهم بمسميات لم يعرفها المجتمع الخليجي -على وجه الخصوص – وأغلب ضحاياهم أناس سذج وقعوا فريسة سهلة جعلت من حياتهم دماراً جراء ويلاتهم وأفكارهم الهدامة.

وكلاهما أيضا ليس لديهما أي اعتبار حول فقه الخلاف أو تبادل الآراء ومفهوم الاجتهاد وضوابطه ومعاييره.

و يسعيان إلى (تعطيل الأجيال) وبالتالي تأخر الدولة تنمويا والعودة إلى الوراء تحت ذريعة الصحوة أو التنوير ،وهذا ما يريده الأعداء الذين يعرفوننا تمام المعرفة وأن ديننا بالأصل دين وسطي ومتسامح ومتعاون ويقدر العلم بمختلف ألوانه، لكن هم يريدوننا أن نتأخر ويستخدمون شتى الطرق والأدوات و ” النّرد ” لتمرير أجندتهم فتارة يدعمون الصحويين وتارة أخرى يدعمون التنويريين وكلهم يرون أن من حق المواطن أن يمارس حريته بالسلوك واللسان بشكل مطلق والهدف تدمير الأوطان وتقسيمها ونهب ثرواتها لأهداف دينية وطماعية وجعل منطقتنا العربية حالة مستمرة من عدم الاستقرار والفوضى الخلاقة .

تيار الصحوة تيار فكري أثر -وما يزال يؤثر -على المجتمع في الوطن العربي والحمد لله الذي كشف لنا زيغهم، والتيار التنويري الذي ينشط حاليا ويمارس وصاية من نوع جديد هو ركوب موجة الثقافة المتحررة ونبذ كل ما هو “ديني” ورميهم باتهامات وإلصاقهم غصبا بالتيارات الإرهابية المتنافضة والمتشددة ويبحثون عن زلات العلماء للنكاية والتشويه، وغالب طرحهم كل ما هو شاذ لغرض الشهرة وإثارة الجدل. ولم يصدقوا أن يرو اعتذار عائض القرني محاولين التعميم على كافة المحسوبين على الدين مع أن اعتذاره جاء متأخرا ولا يكفي بل الأجدر منه أن يفضح كل من كان معه من الصحويين في تلك الفترة خصوصاً أنه كشف عن معلومات خطيرة عن دعم الحكومة القطرية لمثل هذه الغايات، والواقع أنه على غرار التيار الصحوي فالآخر مدعوم وله أجندة خفية تسعى إلى الوصول إلى السلطة وتبحث عن المرتزقة و ” التائبين ” والسذج لتمرير رسالة مفادها مرحبا بالعادات الغربية على مذهب خالف تُعرف على شكل رسائل يوجهونها نحو المراهقين عبر وسائل الإعلام المختلفة من ثم العمل على مشروعهم بمحاولات إخلال نظام الدولة باسم حقوق المواطن لتدوير السلطة.

نعم مرحبا بالعادات الغربية المحمودة التي ليس فيها هدم للأخلاق ومرحبا بكل ما هو غربي فيه فائدة بل مرحبا بالغربيين أنفسهم بكل احترام وتقدير لقيمنا ليطلعوا على ديننا الوسطي دين السلام الذي لا تشوبه شائبة ولها رسالتها السامية التي حملها خير البشرية صلى الله عليه وسلم إلى كافة الناس.

لا نريد الانغلاق ولا نريد الانسلاخ والدولة غير مسؤولة عن التصرفات الفردية الغريبة الصادرة من البعض فكل أسرة عربية لابد أن تساهم بنشر الوعي الأخلاقي نحو مجتمعه وعدم تتبع الأفكار المضللة حفاظاً على كيان المجتمع فكلكم راعٍ.

أخيراً، ربما جال في خاطرك عزيزي القارئ أنه من الأجدر تغيير عنوان المقال إلى: الصحوة=التنوير !