عندما نذكر ” البسيسة والزميطة ” ، فإننا نذكر ليبيا تلك البقعة العربية التي تعيش شهر رمضان المبارك بالكثير من الروحانيات والثقافة والأكلات التي تشتهر بها.

أول يوم عند العائلة:

تقضي معظم العائلات الليبية أول يوم في شهر رمضان بالتجمع في بيت العائلة؛ حيث يكون الإفطار على التمر واللبن والحليب، بجانب القهوة والعصير، وبعد صلاة المغرب يتناولون الشوربة العربية (الليبية)، ومعها أطباق متنوعة، مثل: (رشتة الكسكاس، والمبطن، والضولمة، وطبق البوريك بالبيض، أو بالبطاطا، أو اللحم المفروم؛ لكن بالبيض هو الأغلب)، ويتم تجهيز ورق البوريك في البيت.

روحانيات..

يبدأ الشعب الليبي في صيام يومي الاثنين والخميس من شهري رجب وشعبان؛ استعدادًا لاستقبال الشهر الفضيل، ومع دخول رمضان الذي يلهم الناس أهمية القرب من الله تعالى، يجتهد الليبيون في أنواع العبادة وخصوصا تلاوة القرآن وأداء صلاة التراويح في المساجد التي تزدحم بهم من الجنسين الرجال والنساء.

وفي العشر الأواخر يبدأ الناس صلاة القيام أو التهجد بعد منتصف الليل وحتى وقت السحور وتكثر في المساجد الدروس الدينية.

أما عن أعمال الخير، فتُقام موائد الرحمن في كافة ربوع ليبيا، وتُقيمها جمعيات أهلية عديدة ومُنتشِرة؛ من أجل إطعام الفقراء والمساكين وابن السبيل.

أكلات تقليدية:

تشتهر ليبيا بأكل ” البسيسة ” وهي عبارة عن عدد من البقوليات عدس وحمص وكمون وشعير وسكر، وبعض البقوليات التي تصل إلى أكثر من 10 مكونات من الحبوب والبقوليات.

وهناك أكلة أخرى تسمى ” زميطة ” يتم تحضيرها قبل رمضان؛ لأنها تحتاج لشراء الشعير وتنظيفه وتحميصه على النار ثم طحنه، ويُخلَط بالزيت حتى يكون مثل العجين، وتقدم على مائدة السحور في رمضان.

ومن الحلويات الشعبية الشهيرة في رمضان حلوى ” العسلة والزلابية ” ، بالإضافة إلى الحلويات الأخرى؛ الكنافة، والبسبوسة، والبقلاوة، والقطايف، ولقمة القاضي.
ويتوجه الليبيون بعد الانتهاء من صلاة التراويح، إلى محلات بيع الحلويات فقط لشراء ما يعرف بالسفنز في ليبيا والسفنج في تونس والجزائر، وهي حلويات شعبية تعجن بالدقيق والزبدة والسمن قليل من الملح وتقلى بشكل دائري.

عادات رمضانية اندثرت..

ويعتبر مدفع الإفطار من العادات الرمضانية التي اندثرت، فقديمًا في طرابلس كان يسمعه الناس من وراء جدارن السراي الحمراء، فينطلق مُنبِّهًا أهالي المدينة بوجوب الفطر؛ لدخول وقت المغربمع ازدياد عدد السكان وبمرور السنين، اختفى وأصبح الناس يعتمدون في إفطارهم على التليفزيون والإذاعة.

إضافة إلى ” المسحراتي ” ، الذي كان يجوب البلاد مُمسكًا طبلته الصغيرة وعصاه، ويزفُّه الصغار بمرحهم، فأصبح المسحراتي مع السهَر الممتدِّ للصباح أمام شاشات التليفزيون – أصبح من التاريخ الذي يحكيه الأجداد للأحفاد في ليالي رمضان؛ حيث يحلو السهر.

الأنشطة الثقافية..

يعتبر شهر رمضان المبارك فرصة لتزايُد الأنشطة الثقافية، إذ تنشط فيه الندوات الثقافية في كل منطقة وحي؛ حيث البرامج الثقافية للجان الثقافة والإعلام، والأمسيات الشعرية التي تُقيمها رابطة الكتاب والأدباء في ليبيا، وأنشطة الأحياء الجماهيرية، وبيوت الثقافة، وندوات أدبية في القصة والشعر وغيرهما، وإقامة المعارض الشعبية التي تحوي التراث والأكلات الشعبية.

وداع رمضان واستقبال العيد..

في العشر الأواخر تبدأ الأسر التجول في الأسواق بعد صلاة التراويح حتى أوقات متأخرة من الليل لاختيار ملابس العيد وما تبقى من لوازم حلويات العيد كما تقوم بعض الأسر بطلاء داخل البيت استعدادا للعيد وتعلق الأضواء الملونة وغيرها من أشكال الزينة.