” أرى أن تجعلها في الأقربين ” على لسان أحداهن أنها لا تستطيع دفع ايجار بيتها وبقيه الفواتير الأخرى وتعففها يمنعها طلب المساعدة من أهلها وهم من ذوي السقف العالي ولنا أن نتخيل الحال المحال ..
وأخر يعمل رجل أمن على البوابات في أحد المولات الكبرى وراتبه لا يكفيه عُشر الشهر وعشرين الشهر يقضيه بين هم وضيق وفرج الحال وسؤال الحاجة لله وحده ..
مسن مريض ويحتاج دواء قطره عين ويطلب بخجل وكسره نفس أن يسامحه الصيدلاني في دفع بقيه المبلغ الذي لا يتعدى بضع ريالات ! وهنا ألا نحتاج عين راصدة .
هذا ما يجعل من حلول الشهر الفضيل عليهم ثقيلا ومزدحما بأهوال الأعباء المعيشية اليومية وبؤس على بؤس أشد وما أسهل أن يفضح ستر الحاجة لولا رمضان .
وثمة ما هو مؤلم ومحزن عند الاستماع لحكايا القريب البعيد في مثلها نخاطب من ؟ ونوجه السؤال لمن ؟ ‏

” أرى أن تجعلها في الأقربين ” قالها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتدل على أن الأقارب والأهل هم الأحق بالمساعدة وتلبية احتياجاتهم قدر المستطاع ولابد أن يلقوا الاهتمام الأكبر بأوضاعهم ومعاناتهم وأنهم هم أولى الناس بتلبية حاجتهم ودفع الضرر عنهم أي أنهم إجمالًا هم أولى من غيرهم بالبر والمعروف.

لكن بعضًا منا يفضل ( الغريب ) على ( القريب ) ويعامل “الغريب” بحنان وعطف وتسامح ويقسو على الأقرباء ويعاملهم بجفاء فماذا يقصد بقوله تعالي ؛ {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّه } ؟
وما سبب الإحسان إلى الغريب أكثر من القريب؟
تحت مقولة لأننا نعرف حاله ؟
صدقة تُعطى للفقير الذي نجهله ولا نعطي من نعرفه .
ماذا تعرف عن القريب المتعفف ؟
إن الإسلام يعتني بالعلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع فالأسرة هي النواة المركزية التي انطلاقًا منها يطبق الناس الشريعة الإسلامية القائمة على التعاون على الخير لقوله في محكم كتابه { وتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَان } الأقربون أولى بالمال الخاص الذي له الشخص الحق في التصرف به كيفما شاء أما المال العام فهو حق لكل الناس لاسيما من يمتلكون الكفاءة والمميزات اللازمة لأخذ هذا المعروف ( من باب الأحسان ) أن من أعظم درجات الإنفاق إعطاء الصدقة للأقربين إن كانوا من أهل العالة والحاجة لقوله تعالى “يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ” فأولى الناس وأحقهم بالتقديم أعظمهم حقًّا عليك .. كالوالدين الواجب برهما ومن أعظم برهما النفقة عليهما وبعد الوالدين يأتي الأقربون على اختلاف طبقاتهم الأقرب فالأقرب على حسب القرب والحاجة فالإنفاق عليهم صدقة وصلة لقوله (صلى الله عليه وسلم) ” الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة” وآت ذا القربى حقه ” أولو القربى هم ذو الأرحام مثل الأم والأب والجد والجدة والإخوة والأخوات وما يتفرع عنهم ولقد أمر الله (عز وجل) بالإحسان إليهم بصفة عامة وفي المناسبات بصفة خاصة وذكر أنه لابد من الإنفاق عليهم إذا كانوا من الملزم الإنفاق عليهم مثل الوالدين والأبناء وأنها في هذه الحالة تُعد صدقة لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): “إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة ” وإذا كانوا من الفقراء غير الملزم بالإنفاق عليهم فليعطيهم زكاة المال ففي ذلك ثواب الصلة وثواب الزكاة .
لو سار الناس على هذا النهج في التصدق لصلح حال المجتمع فلا يبخل المسلم عن القريب المطلع على أحواله مبتغيًا بذلك مرضاة الله وبذلك إنه يدفع عن هذا القريب المحتاج المسألة من الغريب وإراقة ماء وجهه ودفع الصدقة للقريب يدفع عن المتصدق الحسد من الفقير والحقد والكراهية .
ويرجع سبب دفع بعضٍ الصدقة للغريب إلى أن الحقد والحسد بين الناس أخذا مأخذًا في النفوس وعدم فقه بعض الأغنياء شريعة الإسلام وخوفه معرفة قريبه ما لديه من أموال فلابد أن يقوم المجتمع الإسلامي على مبدأ التكافل الاجتماعي ليزداد المجتمع تآخيًا وترابطًا ما من شأنه تجنب فقر السؤال .
وراء الأبواب المغلقة قصص تدمع لها العين ينتظر أصحابها كلمة طيبة احساس الأمان والإخاء فلنجعل الرحمة دين التعامل بيننا والله بعض المتعففين في كرب شديد وبين يدي قصص تُدمي القلب لنفتح الأبواب المستورة .

قراءة تحتاج استيعاب ‏تفقدوا الفقرآء والمحتاجين في عوائلكم فالصدقة على القريب فيها أجران ‏أجر الصدقة وأجر القربى .
رسالة ؛ فأبدأ بمن تعول قاعدة ارساها الرسول عليه الصلاة والسلام .