الحمد لله الذي بلغنا رمضان وأرجو من الله أن يعيننا على صيامه وقيامه وأن يوفقنا بقيام ليلة القدر ومبارك عليكم الشهر الفضيل.
انتهى معرض أبوظبي الدولي للكتاب، كان المعرض منظم جدا من ناحية تنويع دور النشر وسلاسة الممرات، إلا أن الزائر سيلفت نظره كمية استعراض ودعاية الروايات ومؤلفات مشاهير التواصل الاجتماعي وتنمية الذات أكثر عن كتب الاختصاصات المختلفة التي بها فائدة ملموسة -باستثناء كتب المخلوقات التي تظن نفسها نورانية-، هنالك رواية نالت إعجابي من تأليف صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي باسم”بيبي فاطمة وأبناء الملك” قرأت ملخصها فهي تسرد عن حقبة تاريخية حقيقية بأسلوب رصين وجميل وسهل، وكتب جميلة عن الإعلام الأمني والانحراف الفكري وعلاقته بالأمن الوطني أهدوها لي مشكورين الجناح السعودي المشارك في المعرض، وأيضا لمحت السيناتور الأمريكي وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري في اليوم الأول من المعرض وعلمت أنه جاء يستعرض كتابه (كل يوم إضافة)، يتحدث عن مذكراته وتجربته الحياتية والسياسية وعلاقات الولايات المتحدة مع دول الشرق الأوسط والدول الكبرى.
وفي حديثي مع أحد رواد النشر العربية سألته لم الاهتمام الزائد بالروايات دون غيرها فأجابني ببساطة: جُلّ زبائننا طلبة المدارس ومهتمي مؤلفات مشاهير التواصل الاجتماعي!
وبعد أن شدني الفضول لتفحص إحدى كتب المشاهير الذي ربما لم يصل بعد للسنة الجامعية الأولى وعدة مؤلفات أخرى،
سأوضح إشكالين:
الأول: العتب يقع على دور النشر في انتقاء ومراعاة المحتوى والنظر إلى ملاءمته، صحيح من حقهم البحث عن التكسب المادي لكن ليس على حساب جودة المؤلف لمجرد أن الشخص مشهور في عالم افتراضي! هل من المنطق أن أفرد جملة بسيطة ومعلومة معروفة في صفحة لحالها؟ وهل من المعقول أن أنشر قصة طفولية سخيفة عن موقف مؤلم شخصي تعرض له الكاتب -في نظره-؟
فعلاً تفاجأت بركاكة المحتوى والكلام الفارغ وضعف الإخراج الذي لا يرتقي أن يُصنف كمُؤلف، هنا أيقنت أن المشكل والخلل والعتب أيضا يقع على الناس أنفسهم سمحوا أن يكونوا ضحية مهرجي التواصل الاجتماعي الذين بدورهم عرفوا أن متابعيهم مجرد قطيع مستعدون للدفع، مع كل التقدير في من ينشر الفائدة بالطبع.
والإشكال الآخر هو ألم يحن الوقت من المشرع والمنظم الإعلامي في الدول العربية بشكل عام بتطبيق فعلي بوضع تصنيف عمري ونوعي على المؤلفات يوضع على أغلفة الكتب بشكل بارز -بالذات الروايات- ؟
فمن غير منطقي أن يأتي طالب مرحلة إعدادية يقرأ رواية تخص الراشدين أو بها عبارات وأساليب لا تليق بمرحلته العمرية مع تحفظي الشديد بمثل تلك المؤلفات التي ليست لها رسالة سامية بل بنظري تنشر السموم وتهدم القيم ولو حتى قدمت بقالب أدبي.
وعلى ذكري لمشاهير التواصل الاجتماعي، حسناً فعلت النيابة العامة الإماراتية بتوقيف أحد الأدعياء والمغترين ليكون عبرة لمن تسول له نفسه دون اكتراث للقيم المجتمعية، وفي نظري منع حساباته 7 أيام غير كافية! أرجو أن يكون هذا العقاب رادعاً قويا لأي مهرج يمارس “قفزاته” أو ينشر تشكيكات مشتتة أمام العامة، ويا متابعين لطفاً بعقولكم وارتقوا في الاختيار.