قد يصبو البعض بأن يؤلف كتاباً ويسعى إلى جمع الكتب والمراجع ليخرج بعمل هو امتداد لمؤلفات سابقيه. هنا أقول إن هناك طريقاً أسرع فليس هناك أجمل من مشاعرك وخبراتك حينما تسطرها وتحسن صياغتها بوصف دقيق للتفاصيل التي تمر بها لتصبح خبرتك سطوراً يقرأها من بعدك.
لم يكن هذا العام سهلاً أبداً، فقد احتفيت بمناسبته جهلاً مني بما سيقابلني فيه مع أسرتي وصديقاتي. كنت سعيدة جداً في أول يوم، فرحة التغيير امتزجت بفرحة الترقية وفرحة الإنجاز، لكن الأمر لم يكن كما شعرت.

عظمت المسؤولية وكبر همي ليتجاوز طالباتي إلى دائرة أشخاصٍ كثيرين لم أكن مسؤولةً عنهم من قبل، وقضايا ومشكلات لم تكن في الحسبان. لكن

لم يخلو الأمر من نافذة الجمال التي رغم استحكام إغلاقها اخترقت أفعال أولئك الأفراد قوتها لتتسلل كخيوط الشمس في غرفة سجينٍ يأس من وجود الضوء. لن أتركك تتساءل من هم؟ إنهم الخيّرون عشاق العطاء والدعم هناك من أمسك يدي وانطلق يعرفني بكل نواحي العمل سلبها وإيجابها، وهناك من دفعني بقوة من الخلف قائلاً أنت مبدعة لا تقفي، وهناك من استقبلني بابتسامة تشع تعاطفا وإحساسا بما أمر به، فكانت تلك الابتسامة كفيلة بشحذ همتي، ومنهم من كان يراقبني عن بعد ليطمئن أنني بخير وفي الطريق الصحيح. مضى عام كامل ولكن كيف مضى؟! حقيقةً كان الأمل في كل صباح يتجدد بأن الغد سيكون أفضل حتى انتهى العام وجاءت اللحظة التي أيقنت فيها بأن خبرة هذا العام تعدل الخمس عشرة عاماً السابقة ما بين تدريس وإرشاد ونشاط. كنت أحدث ذاتي بحنان وعطف بأن هذا العام ستكون الأخطاء فيه تحت مظلة كوني مستجدة فنظرت بتفاؤل لهذا الاسم ولم يخلو الأمر من الطرافة حيث لامس طبيعتي كمرأة وأشعرني بأني أصغر سنّا في حين كانت تتذمر من هذا اللقب بعض الزميلات وتشعر بالاحباط وتنتظر انتهاء العام حتى تتخلص منه. لكنني لم احتج هذه المظلة أبداً للتبرير أو الدفاع فقد عملت مع قيادة اتسمت بالمرونة وعدم تصيد الأخطاء تنظر للجانب الإيجابي في موظفاتها وتمتلك مهارات القيادة الناجحة. اليوم أقول انقضت السنة الأولى من الإشراف التي كانت تُظل أخطائي ورحل اسم مستجدة إلى من ستأتي العام القادم الذي سأعامل فيه كمسؤولة لا كمستجدة.