الخطاب له أسسه وأهدافه في تمرير رسالة معينة لها أغراضها إلى المتلقي لتدعيم وإحداث التأثير المطلوب لفكرةٍ ما مرغوب بها، الخطاب بحر واسع تتداخل فيه اللغويات واللسانيات والرموز والإشارات المصاحبة لها من دلالات، سواء كانت هذه الإشارات ذات دلالات رمزية كتابية أو حتى لسانية وتحكمها ارتباطات وأسس وغايات سياسية أو تاريخية أو اجتماعية أو اقتصادية تتبلور وتختزل كلها تحت تصنيف علم يسمى سيمولوجيا أو سيميائية الخطاب، هذه نبذه عن تحليل الخطاب وكيف قد يُستغل في تعزيز فكرة ما لتحقيق هدف معين، وهي من أدوات الحرب الفكرية، وفي عالمنا اليوم ومع التطور التقني الحاصل وفي وقت المعلومة أصبحت تصل في اللحظة باءت هذه الأداة فعالة- بالذات في منصات التواصل الاجتماعي- وسهلت المهمة لدى الأعداء .

هنالك من يحاول بث خطاب التشكيك في عَلم من أعلام الأمة معلومٌ الغاية منه في خدمة مصالح معينة من فئات معجبة بشعارات الغرب الفكرية لا في اختراعاته، بدلاً من الاستفادة الحقيقية من استيراد العلوم النافعة التي تنهض بها دولنا نحو تنمية مستدامة تحقق لنا الاكتفاء بدلاً من الاتكال، شعارات تروج لكل ما هو شاذ باسم التنوير وتنادي إلى الانسلاخ الأخلاقي والوسيلة الأولى هي الطعن في أعلام الدين المعتَبرين والتشكيك بهم تمهيداً لما هو أكبر في ديننا ودولنا وقادتنا وقيمنا مما يهدد سلامة الأمن الوطني، وهي محاولة فاشلة لإخلال الصف وأهداف أخرى لا تختلف عمّن سبقوهم من المتحزبين، فقط يختلفون في المسمى ويتشابهون في طريقة استعراض الخطاب بالاستعانة بالدين والتغني بالوطنية كوسيلتين وذريعتين في تمرير الرسالة التي أصبحت واضحة للعلن! ومعلومٌ أن لغة الدين في الخطاب له تأثير بالغ على الأنفس ويعمل التأثير المطلوب- كما أسلفت – خصوصاً إذا أسيء استخدامه بطرق ملتوية .

التشكيك في البخاري يعني محاولة لهدم كل الأحكام والاجتهادات المستنبطة من الصحيحين عن العلماء المتقدمين والمتأخرين بمختلف مدارسهم الفقهية و فيها أيضاً إحباط محاولات الباحثين في المجالات المستندة أساساً من القرآن وسنة النبي –صلى الله عليه وسلم -مثل مجال المالية والاقتصاد الإسلامي التي ستتهاوى بمثل هذا الطرح!
إذن هي أيضاً محاولة إحداث إخلال وشرخ وتساؤلات لدى الفرد تحت شعار التجديد والتنوير اللذيْن لا يتعارضا أصلاً مع مبادئ ديننا الحنيف إن كان فيهما استفادة ملموسة تجني ثمارها للدولة والناس، و يبدو لي أن الغرور هنا سيد الموقف وثقافة الانتصار والإقصاء بتقسيم الناس إلى متنورين وظلاميين ومن ثم الترويج لفكر جديد مشتت يهدد اللحمة الوطنية في وقت الناس فيه أَمَسّ الحاجة إلى الاستقرار والأمان في عالم يعاني من أفكار متطرفة ما زلنا نعاني من ويلاتها بأرجاء وطننا وعالمنا العربي والإسلامي .
الجانب المشرق في الموضوع سقوط الأقنعة و تنبه الناس ووعيهم وأيضاً تكاتف الأغلبية والدفاع المستميت من شخصيات رفيعة لها وزنها في المجتمع وعدم رضاهم بهذا الطرح الغريب والمريب لشخصية لها وزنها عند الفقهاء -رحمه الله-. وفي الواقع العديد منا يريد إشباع فضوله حول الشخصيات الظلامية والمتنورة حتى نطلع على مجمل أعمالهم ولعلنا نستفيد! إلا أن العديد منا لديه تساؤلات تدور في بالنا:
ماذا يريدون بالضبط؟ هل يخدمون أجندة معادية؟ وهل فعلاً نعيش في الظلام؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات ؟ما هي أداة القياس والتصنيف والمعيار إلى ظلامي وتنويري ؟ و شخصية مثل الحلّاج تقع ضمن أي قائمة بالضبط ؟ لماذا دائما بعض بني جلدتنا يستوردون لنا البضاعة الفاسدة من الغرب؟ وهل من اللائق أن يُطلق كلمة “بضاعة” وكأن لها تاريخ صلاحية على محتوى” صحيح البخاري” ؟
أسئلة لن يجاوب عليها من يتبنى أو يحاول محاكاة التنوير، وأخيراً لسان حال الناس هذه الأيام حول هؤلاء المغرضين بأنه “احترق كرتهم”!