في أواخر الثمانينات الميلادية ، كنا أربعة أشخاص نجتمع في ددسن غمارة واحده موديل 83 ،ثم نجلس على رصيف بعد صلاة العشاء مباشرة ، وكان لكل منا نحن الأربعة ظروفه ومشاكله الخاصة وأحلامه وطموحاته، وكنا لانقبل بأن يجلس معنا أحد، ولا نخالط أحد، لأننا لانقدر على دفع مصاريف المشاركات المالية ، بالعامية يسمونها (القطة) ، وكل من مر بذلك الرصيف يشاهدنا شبه يوميا لذلك أطلقوا عليه ” رصيف المهابيل ” ، والسبب حسب اعتقادهم، هو  أن لدينا تصرفات غير قانونية،  والحقيقة ، أننا كنا نجتمع لنذاكر مع بعضنا البعض وكل منا كان لديه القدرة على فهم مادة معينة، ويستطيع أن يشرحها للبقية .

مع مرور الزمن حققنا مانريده من طموحاتنا وأحلامنا، فقد التحقت بالطيران،  وزميلي فهد يعيش في أمريكا و يملك مصنع هناك يصنع جزء من أجزاء الطائرات،  وصالح مدرس كيمياء ، وسعود دكتور في الصيدله .

السبب يعود في سرد هذه القصة أنه قبل يومين،  قابلت الشخص الذي أطلق على الرصيف الذي كنا نجتمع فيه بـ ” رصيف المهابيل ” ، وسألته عن أحواله،  فأجابني أنه ” تقاعد إجباري ” برتبة عريف في الحرس الوطني، بعد أن أخذ مكان والده في البندق ويسمونه الجهاد، وظروفه سيئة ويبحث عن عمل.

لم أتطرق للماضي ولم أخبره عن وضع أصدقائي لكي لا أجرحه، وحتى لا يعتبرها من باب التشفي في وضعه الحالي ومشاكله .

لذلك لا تقلل من شأن أحد أو تسيء الظن بأحد،  لأن الزمن كفيل بأن يعطيك دروس وعبر تستفيد منها .

لأن ” رصيف المهابيل ” كان فصل دراسي لأربعة مراهقين جمعهم الفقر في ذلك الوقت وجلسوا لكي يبنوا مستقبلهم .