أتى فصل الشّتاء والطّقس البارد ومعه تحلو ليالي الأنس والسّمرة والاجتماع في الاستراحات أو المنتزهات البريّة ولا يكتمل اجتماع الأصحاب والأحباب والسّمار إلا بشبّة النّار فهي متاع البرد وجماله وحلاوته فهي دفء الشّتاء فبجانبها يجلسون ويصطلون ويتسامرون ويوقدون ويطبخون.

فسبحان الله الّذي جعل من الشّجر الأخضر نارًا، والحمد لله الّذي أنعم علينا بالنّار في الحياة الدّنيا وسخّرها للبشريّة بفوائدها العديدة وجعلها في الشّتاء متعة ووقانا الله يوم الآخرة من شرّ النّار وشررها وسعيرها..

ومع متعة النّار في الشّتاء يزداد الطّلب على الحطب والفحم بكمّيات كبيرة وهذا يتطلب قطع كثير من الأشجار وخاصّة شجر السّمر والسّلم والغضى والأرطاء ونتيجة لذلك تضرّرت البيئة وانتشر التّصحّر نتيجة الإسراف في قطع الأشجار في البرّ والأودية لجمع الحطب وإشعال النّار، فكم من أودية ذهبت أشجارها ليلًا بسبب قطعها بالمنشار الكهربائي وتحوّلت إلى حطب وفحم يباع بثمن بخس في الأسواق إما للتّدفئة أو يستخدم في الكازينوات للدّخان الضّارّ بالصّحة من الشّيش أو المعسّل. ورغم الجهود المبذولة من قبل الدّولة والمواطنين إلّا أنّ قطع الأشجار مازال مستمرّ ويحتاج إلى المزيد من سنّ الأنظمة الصّارمة وتطبيقها على الواقع والإسراع في نشر الشّرطة البيئيّة في جميع المناطق والمحافظات. وتوعية النّاس بأهميّة المحافظة على الأشجار لأهميتها للبيئة. وكذلك نشر الكاميرات المراقبة في أماكن انتشار الأشجار وكتابة لوحات توعويّة وتحذيريّة. فالاهتمام بالبيئة مطلب ودليل للتّقدّم والحضارة وانتشار الوعي الفكريّ والثّقافيّ والمدنيّ.

نعم هناك تطوّر للوعي البيئيّ التّطوعيّ من خلال انتشار الرّوابط الخضراء الّتي يقوم عليها عدد من المواطنين بهدف نشر الوعي البيئيّ في المجتمع للمحافظة على الأشجار من القطع ومنع انتشار التّصحّر وزحف الرّمال.

فمن هذا المنبر أتمنّى من الجهات ذات العلاقة الإسراع في المحافظة على الأشجار من القطع الجائر وإيجاد البدائل كاستيراد الحطب والفحم وخاصّة الفحم أو الحطب الّصناعيّ من الخارج ونشره بكمّيّات كبيرة وبثمن رخيص حتى يلبّي الطّلب المتزايد على الحطب والفحم المحلّي. ونشر الثّقافة وإقامة النّدوات التّوعويّة المكثّفة في جميع وسائل التّواصل الإعلامي والاجتماعيّ فالمحافظة على البيئة وأشجارها مطلب دينيّ ووطنيّ.