لم يكد يهنأ العراقيون بسقوط نظام حزب البعث حتى وجدوا أنفسهم بدائرة المحاصصة الطائفية التي ومنذ 2003 وحتى الآن لم تجلب للعراق سوى الدمار والخراب والفوضى والتشرذم ، عقود طويلة وحزب البعث يتحكم في العراق و مقدارته يحكم بالحديد والنار فلم يسلم منه الشجر فكيف بحال الإنسان الذي وجد نفسه ضحية للمؤامرات وفريسة للإنقلابات العسكرية التي باتت سمه رئيسية للجمهوريات العربية قديماً وحديثاً ، تلك العقود ورثت للشارع العراقي الخوف والحقت به العار والدمار فعراق اليوم يدفع ثمن استبداد الأمس استبداد نظام صدام حسين الذي مارس كل أنواع الجرائم ليستمر في السُلطة ويورثها لأبناءه الذين قتلوا فيما بعد مثلما قُتل غيرهم ممن مارس الطُغيان بإسم القومية والاشتراكية والتقدمية وبقية الشعارات الجوفاء ، الناظر اليوم لخارطة العراق المتفحص لها سيجد عراق اليوم كعراق الأمس لا فارق يُذكر فالدمار والانهيار الاقتصادي والأخلاقي والثقافي والموت الجماعي والتهجير القسري عناوين لبلدِ كان فيما مضى مركزاً للسلطة ومنارة للحضارة البشرية ، بالأمس حزب البعث واليوم المحاصصة الطائفية التي تعني تقسيم مؤسسات الدولة على الأحزاب السياسية بالتساوي لتُديرها بطريقةِ حزبية لا بطريقةِ علمية منهجية وكأن مؤسسات الدولة مُلكُ لذلك الحزب أو لتلك الطائفة ، الأحزاب السياسية بالعراق ليست بأفضل حالاً من الأحزاب السياسية بالوطن العربي ولا بأسوأ منها فالحال ردي فالعرب لا تعرف من الحياة الحزبية سوى الإسم الذي يُخفي خلفه الكثير والكثير من المعلومات والحقائق والنماذج والطرق السليمة للإدارة والنهوض بالأوطان ، أحزاب العراق طائفية ذات منحى إيديولوجي فهي إما إسلاموية مذهبية أو قومية متطرفة ويالكثرة التنوع القومي بأرض الرافدين لو أحسن الساسة التعامل معه فتلك القوميات عامل إثراء ومصدر قوة وتاريخ لا يستطيع أحدُ النيل منه مهما امتلك من قوة ، الأحزاب ذات المنحى الإيديولوجي لن ترضى بأنصاف الحلول ولن ترضى بنصف السلطة ولن ترضى بالبقاء كوسيلة لتداول السلطة سليماً بل تُريد كل شيء تُريد الأرض والثروات والسلطة حتى العقل البشري تُريده تابعاً لها مؤمناً بأيديولوجيتها مدافعاً عنها مُضحياً بروحه في سبيل المنظرين والمتحكمين ، هذا هو العراق الجديد صراعات على السلطة وصراعات أيديولوجية وثأرات ونعرات والسبب الساسة الذين يستندون على دستورِ طائفي كُتب بجنح الظلام ووافق عليه ساسة الطوائف والأحزاب ، لن يتخلص العراق من مشكلاته المتعددة إلا إذا تخلص من نظام المحاصصة الطائفية واستبدله بنظام المواطنة والبقاء للأفضل الأكفاء الذي يتقدم بأوراق ترشحه لمجلس النواب أو للرئاسات الثلاث “رئاسة الدولة ، رئاسة الوزراء ، رئاسة مجلس النواب ” وهو متجرد من النعرات الطائفية والاحقاد الحزبية وشعاره الوحيد سأخدم كل العراقيين بلا استثناء لا يضع إيديولوجيته بموضع الأمر المُقدس ولا يظن أن السلطة أو المؤسسة مُلك لحزبه أو طائفته ناهيك عن إحترامه لعقل الإنسان وخياراته الروحية ، إذا آراد العراقيون النهوض من تحت الرُكام عليهم استبدال ذلك الهراء الذي يخجل من تسميته بالديموقراطية فالديموقراطية اجل وآسمى من كل تلك الحماقات التي يمارسها العراقيون ويمارسها من قبل ساسة لبنان الذين حولوا لبنان لمركز صراع واستقطاب عالمي بعدما كان منارة علم وحضارة ومدرسة لأهل الفن والسياسة .