أؤمن تماماً أن المرء لن يعيش حياة ناجحة في عمله وزواجه وحياته كلها دون أن يعرف ويعترف بأخطائه لأنه إن لم يعترف بها فلن يراها خطأ وبالتالي لن يحاول مسحها وتصحيحها من حياته بل وسيبدي لها ألف تبرير وتبرير ليفعلها ويستمر عليها؛ ولتفهم ما أعنيه خذ مثلاً الأحيمر السعدي ذلك الأعرابي الذي عاصر الدولتين الأموية والعباسية وقد كان لصاً غير عادي، فإن كنا نحن نعتبر السرقة جريمة لا تقبل شرعاً وعرفاً فإن الأحيمر يراها بطولة وشرفاً..!! مبرراً ذلك بأن البعير الذي يسرقه ملك لله ومنتشر في كل البلاد فلماذا يطلب ويستأذن من الناس أن يأخذ بعيرهم وهو ليس ملكهم أساساً ؟! وبكل أريحية ينشد ويقول :
وإني لأستحي من الله أن أُرى •• أجرّرُ حبلاً ليس فيه بعيرُ
وأن أسأل المرءَ اللئيمَ بعيره •• وبُعرانُ ربي في البلاد كثيرُ

ليتحول هذا الشاعر من لص وقاطع طريق إلى فيلسوف وقاضٍ ومشرعٍ أباح لنفسه الجرائم والسرقات باسم التبرير والتزوير للواقع والحقيقة .. فمن كان على شاكلة الأحيمر يبرر ويفسر كل خطأ على أن صواب فكيف سيتغير ؟! فأول خطوات النجاح هو اعترافك بخطأك حتى وإن لم تستطع تغير نفسك وواقعك مباشرة فالاعتراف والندم مطية للتغيير وتأمل أن أبانا آدم وإبليس كلاهما عصيا الله سبحانه لكن آدم حين اعترف تغير فنجا أما إبليس فاستكبر وبرر فلُعن .. وبالمناسبة روي في كتاب مرآة الزمان لشمس الدين قِزْأُوغلي أن آدم عليه السلام ظل يعترف ويستغفر ويبكي لذنبه 300 سنة حياءً من ربه جل وعلا !!

وقد قرأتُ في كتاب جدد حياتك للغزالي أن دايل كارنيجي كان يضع في أحد أدراجه ملفاً خاصاً مكتوب عليه ( حماقات ارتكتبها ) حتى تكون تلك الحماقات دروساً له طوال حياته فلا يكررها .. وأخيراً تأمل أن الله سبحانه قد ذم المنافقين لعدم الاتعاظ من الفتن والتعلم من الأخطاء (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ) فالعاقل من جعل الأخطاء وقوداً لنجاحه ودرساً لحياته.