قال الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية المهندس مروان الفاعوري أن الوثيقــة التوجيهيـــة للمنتدى ركزت على إعادة إحياء منهج الاعتدال، وعلى أهمية المنهج الوسطي بين أبناء أمّة الإسلام ذاتها، لتصحيح الميل لدى أبناء الأمة، والتعريف بالإسلام وقيمه الإنسانية لدى شعوب العالم كافة، والتواصل الحثيث القائم على قيم الحوار والتسامح ونبذ العنف، لرسم منظومة فكرية متكاملة، تعتمد الرؤية الوسطية التي تنعكس على مناحي الحياة الإنسانيّة كافة، ومن هنا انطلقت فكرة تأسيس هذا المنتدى.

وأضاف خلال حوار مع ” الرأي ” حول أهداف المنتدى ومنهجيته بالعمل، وعن المؤتمر الخامس عشر الذي سيعقدة نهاية الإسبوع الحالي، أنَّ الانحراف عن الوسطية الإسلامية، قد أدى إلى إلحاق أضرار كبيرة بالمجتمع الإسلامي، في التفريق بين أبنائه، والإساءة البالغة إلى الإسلام نفسه، وتأخير نموّه في الوقت الذي احتاجت فيه الأمة إلى الاستقرار لإحداث تنمية اجتماعية حضارية، وما حصل في بلدان عربية وأجنبية شاهد على ذلك، فقد خالف نفرٌ من أبناء أمتنا شريعة الله التي تحرّم دم المسلم ودم غير المسلم إلا بالحق. 

وتابع: سبب كل هذا الانحراف عدم فهم مقاصد الإسلام، وعدم إدراك حركة العصر، وعدم تعقل حقيقة سنن الله في مواضع الإقدام والإحجام في حالات الصراع بين المسلمين وغيرهم، والبُعد عن المنهج الوسطي الذي هو لبّ الإسلام، وأن الوسط يعتبر نقيض الغلو، والمعلوم أن كلا طرفي الأمر ذميم، والخير نقيض الشر، وفي الخير صلاح المجتمع البشري، وعلى أساسه تنتشر الفضائل، وقد حدَّد الله تعالى لأمتنا شخصيتها، فسِماتها تنطلق من الوسطية والخيرية، وأنَّ الإسلام دين العدالة والحق، ودين الإنصاف والإنسانية ودين العقل.

وأوضح الفاعوري أنَّ شهادة الأمّة الإسلامية على الأمم تعني شهادة العدل والقيام بمهمة الاستخلاف، وشد الهمَّة لتكون الأمة القائمة بالمنهج، المتواصية بالحق، المحيطة بأسرار الرفعة الماديّة والمعنويّة. وإذا قصّرت هذه الأمّة فلن يغنيها الانتساب، فالناس تأتي يوم القيامة بأعمالها، ولا تأتي بانتسابها وأنسابها، وأمّتنا اليوم بحاجة ماسّة لإصلاح أحوالها وفكرها، فالإصلاح فريضة يوجبها الدين، وضرورة يحتّمها الواقع، وهذا الإصلاح ليس استجابة لضغط خارجي، أو بسبب إملاء من هنا أو هناك، وإنما هو استجابة لأمر رباني وحاجة واقعية. 

وزاد: إنّه إصلاح ينبع من ذاتنا ويتأسّس على ثوابتنا، وينفتح انفتاحًا واعيًا على الحضارة التي هي إرث إنساني، نأخذ منه وندع، والخطاب الفكري الوسطي الذي نتبناه ونسير على هداه، هو خطاب يرتبط بالزمان والمكان والإنسان، مستشرف للمستقبل، منفتح على الحضارات بلا ذوبان، جامع بين النقل الصحيح وبين العقل السليم، قائم على التجديد لا على الجمود والتقليد، يقبل إصلاح الحاضر ويرفض الهروب إلى الماضي.

وأكد الفاعوري الوسطية ليست اختراعًا مصطنعًا، بل هي من صميم ديننا الإسلامي الحنيف، وحثّ القرآن على التوازن في كل شيء دون إفراط ولا تفريط، وقد حذّرت الأحاديث النبوية من الغلو حتى في العبادة، لذالك وغيره أن والوسطية منهج عام يقوم على الاعتدال في جميع شؤون الحياة، دون أن يعني ذلك القبول بأنصاف الحلول أو التلفيق، أو الترقيع، بل هي سعي متواصل لتحرّي الصواب في الاختيارات والتوجهات، وتحرٍ مستمر للمصلحة العامة، والدفاع عن الحقوق الوطنية والقومية دون التفريط فيها، وهي ليست ضعفًا ولا هوانًا، بل قوة حقيقية لأنها تنبع من الثقة في الله ثم الثقة في دينه.

وأشار الفاعوري إلى أن المنتدى العالمي للوسطية هيئة فكرية إسلامية عالمية، ذات رسالة فكرية مستنيرة، تسعى إلى التجديد في حياة الأمة، وإعادة صياغة المشروع النهضوي الإسلامي، من خلال امتلاك وسائل عملية وواقعية تجديدية في إنتاج خطاب إسلامي مستنير، يهدف إلى تعميم الفهم السليم للإسلام وقيمه وتشريعاته.

ولفت إلى أن المنتدى يرتكز في عمله وتخطيطه على مجموعة من المرتكزات، منها: الإسهام في تحقيق التصالح مع الذات والحوار المبني على موازين الشرع والعقل والواقع، وتجفيف مصادر الغلو والتطرف، والإسهام في الحوار بين الحضارات وتصالحها، والتقائها على الثوابت الإنسانية المشتركة، والإسهام في التنمية الشاملة في بلاد المسلمين، وتصحيح مسار حضارة الغرب، والعمل على تنشئة جيل مسلم ذي كفاءات علمية يملك معها مواجهة تحديات العصر، وذي قدرات منطقية وكلامية، يملك معها دفع الشبهات عن الإسلام، وتجلية حقائقه.

ويهدف المنتدى بحسب الفاعوري إلى ترسيخ مفاهيم الوسطية الإسلامية، ولتبليغ رسالة الإسلام الإنسانية، والتعريف بها بين الأمم والشعوب، وللتصدي لمشكلات الأمة، وتقديم التصورات والبرامج والحلول لتجاوزها، ولتعزيز قيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان كافة والدفاع عنها، وللدعوة إلى التسامح والحوار، ونبذ العنف بين الأمم والشعوب، ولمواجهة ومعالجة ظواهر الغلو في الدين، والانحراف في تأويل نصوصه، ولتعزيز دور المرأة المسلمة في بناء المجتمع، وللدعوة إلى كفالة حقوق المجموعات الوطنية ذات التمايز الثقافي والإثني، والديني والمذهبي التي توفرها البيئة الإسلامية الرحبة، والمتسامحة والمستوعبة للآخر، ولإقامة آصرة تعاون والتقاء، وتشاور وتكامل بين القوى والشخصيات الإسلامية كافة، وغيرها الكثير من الأهداف التي تصب في مصلحة الامة.

ويسلك المنتدى لتحقيق أهدافه جميع الوسائل المشـروعة وفقا للفاعوري، منها: التواصل مع القادة المسلمين، وأصحاب القرار السياسي وذوي التأثير، والقادرين على توجيه الرأي العام بالحكمة والكلمة الطيبة، وبالحوار مع التيارات الثقافية والمذاهب الفكرية والتجمعات السياسية الموجودة في الساحة الإسلامية – أيًّا كان توجهها – وبعقد المؤتمرات والندوات العلمية لمناقشة القضايا ذات العلاقة بالإسلام والمسلمين، وبإنشاء فضائية إسلامية، وبترجمة الأدبيات المعززة للوسطية من العربيّة للغات الأخرى، وبالتوعية المستمرة بالقضايا والأحداث المهمة ذات العلاقة بالإسلام والمسلمين، وغيرها الكثير من الوسائل.

وأكد الفاعوري أن المنتدى يريد رؤية عالم يسود فيه الاعتدال والوسطية والتسامح، خالٍ من التطرف والعنف والغلو، وتأكيد وتأصيل منهج الوسطية والاعتدال، وإبراز صورة الإسلام الحقيقية فكرًا وثقافة وسلوكاً على الصعد كلها، ونشر رسالة الاعتدال في فهم الإسلام دينًا وحضارة، وتعميم الهوية الفكرية والثقافية لإنسانية الإسلام، وبثّ روح التسامح والحوار الإنساني انطلاقًا من وسطية الإسلام، ورفضاً لمفاهيم التطرف والغلو بكل صوره ومفرداته، للوصول لعالم يسوده الاعتدال ويعتمد الحوار، عالمٍ خالٍ من الغلو والتطرف.

وعن المؤتمر الخامس عشر للمنتدى العالمي للوسطية بعنوان ” الأمن المجتمعي وأثره في وحدة الأمة ” الذي سيعقده يومي الأربعاء والخميس المقبلين برعاية رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي، قال الفاعوري أنه وببتعاون وثيق بين المنتدى العالمي للوسطية وبين رابطة العالم الإسلامي، ينعقد في عمان.

وزاد: يأتي عقد المؤتمر في ظل ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة أثرت بشكل حاد على الإستقرار وعلى برامج التنمية في عالمنا العربي والإسلامي، ويتوخىّ المؤتمر إلقاء الضوء على أدوار العديد من المؤسسات ووسائل الإعلام والمنظمات الدولية والأهلية في تعزيز السلم المدني والمجتمعي وتحقيق التعايش السلمي بين كافة مكونات المجتمع وتوكيد دور الأمن المجتمعي في مواجهة التطرف والإرهاب، وفي حشد الطاقات الفكرية والثقافية للعلماء وقادة الرأي العام بهدف تبيان أدوارهم في تحقيق الأمن والإستقرار للمجتمعات في العالم العربي والإسلامي والعالمي.

ويرى الفاعوري أن مما لاريب فيه أن ” الأمن ” أمر أساسي في الوجود لذلك أن الحاجة الى الأمن المجتمعي حاجة أساسية لإستمرار الحياة وعمرانها وتطورها وتقدمها، وأن الإسلام وهو يركز على الأمن يبني الحياة الإجتماعية وينظم العلاقات بين المواطنين على أساس استتباب الأمن في النفوس والعقول وفي الأسر والمجتمعات والدول، كما أن مفهوم الأمن المجتمعي في الإسلام يستوعب كل المعاني المادية والمعنوية فهو حق جميع الأفراد على اختلاف أديانهم أو مذاهبهم او اعراقهم. 

ولفت الفاعوري إلى أن مقاصد الشريعة الإسلامية الخمسة في حفظ: الدين، والنفس، والعقل، والمال، والعرض تؤكد أن الأمن المجتمعي حاجة ضرورية ملحة لأي مجتمع لأنه يتعلق بأبناء هذا المجتمع في مختلف شرائحه وجوانبه المتعددة السياسية والإجتماعية والتربوية والدينية والثقافية، فالأمن المجتمعي ركيزة أساسية لكي يشعر أفراد المجتمع بالأمن والأمان والإطمئنان والتمتع بالحياة الكريمة المستقرة.

وأشار إلى أن حرص الإسلام على استتباب الأمن المجتمعي يرجع الى عدة أمور لا تتحقق إلا في ظل جو عام يتسم بالأمن والطمأنينة والهدوء كما أن أمن المواطن والمجتمع في الإسلام مقدس ولا ينبغي المساس به تحت أي ذريعة من الذرائع أو محاولة تبرير أسباب العنف، وأن على المجتمع بأكمله أفراداً وجماعات أن يدرك أن عليه مسؤوليات جساماً تجاه الأمن المجتمعي وأثره على وحدة الأمة وتقدمها ورفعتها بين الأمم.

وحول أهداف المؤتمر قال الفاعوري أن أهمها بيان أهمية الأمن المجتمعي بشروطه كافة المادية والمعنوية في تعزيز الحس الوطني والإنتماء بإعتباره نقيضاً للفوضى والعنف والتطرف، وبيان أثر وخطر العنف والتطرف والإرهاب بكافة صوره وأشكاله على السلم والأمن الإجتماعي، وبيان دور الأمن المجتمعي في دفع عجلة التنمية إلى الأمام وفي إستقرار المجتمعات البشرية، وتوكيد أثر السلم المجتمعي في تحقيق التواؤم بين عناصر المجتمع ومكوناته المختلفة وتعزيز ثقافة الحوار وقبول المختلف ديناً وعرقاً وثقافةً، وبيان أهمية دور النخب الفكرية وعلماء الدين والكفاءات الأكاديمية في ترسيخ القيم الكفيلة بتحقيق السلم المجتمعي، وإبراز أهمية التعاون بين المؤسسات الوطنية والعربية والعالمية لتحقيق غايات السلم المجتمعي والإقليمي والعالمي.

وعن محاور المؤتمر أوضح الفاعوري أن أهمها الأمن المجتمعي المفهوم والرؤية وارتباطه بظاهرتي الإرهاب والتطرف، تجارب ناجحة في تحقيق الأمن المجتمعي ومكافحة التطرف، وتعزيز السلم المدني واجب الجميع.

وسيناقش المؤتمر على مدار يومين في فندق le-grand-Amman (المريديان سابقاً)، بحسب ما قال الفاعوري، مجموعة من المحاور والأوراق في موضوعات مختلفة منها الأمن المجتمعي وأثره على التنمية، وأثر التعايش الديني في تحقيق الأمن المجتمعي، وسيتناول أبرز التجارب الناجحة في بعض الدول مثل الأردن والسعودية والمغرب في تحقيق الأمن المجتمعي ومكافحة التطرف والإرهاب، وقد وجهت رقاع الدعوة الى العديد من الشخصيات الفكرية والثقافية الوازنة والى عدد كبير من العلماء والمفكرين وأصحاب الإختصاص لإثراء المؤتمر بأطاريحهم وآرائهم في هذا الموضوع الهام والحيوي. 

ففي اليوم الأول للمؤتمر وبعد حفل الإفتتاح وبالجلسة الأولى التي سيرئسها رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز وعنوانها الأمن المجتمعي المفهوم والرؤية، سيقدم الورقة الأولى وعنوانها الأمن المجتمعي : المفهوم، المقومات والمعيقات الوزير الأسبق الدكتور عبد السلام العبادي/ أمين مجمع الفقه الإسلامي في جدة، والورقة الثانية وعنوانها ارتباط مفهوم الأمن والتنمية( رؤية انسانية) سيقدمها الإمام الصادق المهدي رئيس وزراء السودان الأسبق- رئيس المنتدى العالمي للوسطية، والورقة الثالثة وعنوانها الأمن المجتمعي وأثره في التنمية سيقدمها الدكتور محمد البشاري
أمين عام المؤتمر الإسلامي الأوروبي، والورقة الرابعة وعنوانها أثر التطرف والإرهاب على السلم المدني سيقدمها الدكتور أحمد الكبيسي/داعية ومفكر إسلامي.

أما في الجلسة الثانية وعنوانها الأمن المجتمعي وارتباطه بظاهرتي الإرهاب والتطرف، التي سيرئسها الدكتور محمد طاهر حكيم/عميد كلية الشريعة الجامعة العالمية الإسلامية، سيقدم الورقة الأولى وعنوانها الحوار ودوره في تحقيق الأمن المجتمعي الوزير الأسبق الدكتور منذر حدادين، والورقة الثانية عنوانها الأمن المجتمعي وآفات العصر سيقدمها سماحة السيد علي حسين فضل الله عضو مجلس أمناء الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والورقة الثالثة عنوانها دور رسالتي عمان وباكستان في نبذ التطرف والإرهاب سيقدمها الدكتور معصوم ياسين زي / راعي الجامعة الإسلامية العالمية، والورقة الرابعة وعنوانها استراتيجية مكافحة التطرُّف لتأمين أمن المجتمع سيقدمها فضيلة الشيخ ابراهيم الخليل البخاري/نائب رئيس هيئة التعليم الاسلامي لعموم الهند.

من جهته قال أمين سر المنتدى العالمي للوسطية الدكتور زيد المحيسن أنَّ المنتدى العالمي للوسطية مؤسسة فكرية، تُؤمن بأنَّ الفكر الإسلامي المعتدل، وما ينتج عنه من ممارسات، هو اللبنة الأساسية في الارتقاء بأمتنا وإصلاح الحضارة العالمية، ويسعى لتأصيل رؤية واضحة تمكننا من إعادة صياغة مشروعنا النهضوي، وامتلاك وسائل عملية وواقعية لرد الهجمات عن ديننا الإسلامي الإنساني المتهم بالغلو والتطرف والتشدد في الكثير من وسائل الإعلام الغربية، مما أثّر بصورة سلبية على أمننا واستقرارنا ومصالحنا. 

وأضاف يبدو هذا الفكر الوسطي الرافض للغلو والتشدد والتَزَمُّت، في العقائد والمفاهيم والممارسات أمرًا واجبًا في ظل الظروف الدقيقة التي تمرّ بها أمتنا، لإقامة مشروع تنويري جديد يدافع عن الصورة الإنسانية الملتزمة بالإسلام تشريعا وتطبيقًا، مع الحرص التام على عدم تذويب الشخصية الإسلامية أو تغييبها أو دمجها في الآخر أو إقصائها أو إلغائها، بل صقلها وإخراجها من شرنقة التبعية والخوف والشعور بالنقص، إلى حياة متوازنة واثقة قادرة على إثبات وجودها من خلال حوارها مع الآخر، بعقل مستنير متفتح متفهم لحقيقة نظرة الإسلام إلى الآخر، والاعتراف باختلافه عنا لا اختلافه معنا، ما لم يعتدِ على أي حق من حقوقنا.

أكد المحيسن أنَّ من مقتضيات التجديد، إحياء منهج الوسطية، لأنه واجب لندافع به عن الإسلام، ونُسهم من خلاله في بناء الحضارة الإنسانية المعاصرة، ولا بدَّ من السير في خطين متوازيين حتى نخرج من إطار التنظير إلى دائرة التأثير أولهما: بدعوة أبناء أمتنا إلى تبني هذا النهج وترسيخه في نفوسهم، وتجاوزنا إلى الآخر- بمختلف ثقافاته ومستوياته الرسمية والشعبية – بانفتاح وجرأة، يخاطبه ويحاوره ويعرّفه بماهية الإسلام وحقيقته، وما يحمله للبشرية من قيم إنسانية عليا، وما يشتمل عليه من ركائز تدفع إلى عمارة الأرض، ونشر الأمن والسلام فيها.

من جانبه بين المستشار الثقافي للمنتدى العالمي للوسطية إبراهيم العجلوني أنَّ الوسطية هي الأساس الذي نتكئ عليه عند التفكير وإنتاج المعرفة، أو عند الممارسة العملية التي تتكئ على مبدأ الواقعية، فهي تأخذ بفقه النص الشرعي، وبفقه النص التاريخي للبيئات والساحات التي يحياها المسلمون في كل مكان، وتراعي ميزان القوة في التدافع بيننا وبين غيرنا، وتدمجه في صياغة خططنا وبرامجنا العملية حتى يكون لعملنا أثر ملموس في صحوة الأمة وتقدمها، آخذين بعين الاعتبار مراتب الأصدقاء والأعداء والحلفاء، وما يمكن أن تحققه لنا من منافع، أو تسببه لنا من خسائر.

وتابع: وهذه الواقعية، تفرض علينا الأخذ بمبادئ أخرى مثل: التدرج في مراحل العمل، والإيمان بالقضاء والقدر بعد الأخذ بالأسباب، والتزام الحدود الشرعية بوصفها خطوطًا حمراء لا يحق لنا تجاوزها، وثنائية الشراكة سواء في الإنتاج النظري، أو الممارسة العملية.

وأكد أنَّ رسالتنا الوسطية مبنية على أسلوب التدافع السلمي المدني؛ بهدف الإصلاح والمصالحة بيننا ومع من حولنا من شعوب وحضارات، والتدافع محرك اجتماعي، يهدف إلى إزالة ما يطرأ على البلاد والعباد من خلل أو فساد؛ ليعيد التوازن والعدل والنظام في الأرض، ويحافظ على التنوع والتعدد والتمايز، إلا أن تبنينا لمنهج التدافع المدني لا يعني – بأي حال من الأحوال- تخلينا عن المقاومة وسيلة شرعية لصد العدوان عن بلادنا، فالجهاد – من وجهة نظرنا – ينطلق من التدافع السلمي بالتي هي أحسن، والكفاح المسلح استثناء يقوم على مبدأ الجهاد الدفاعي أصلاً.

وأشار العجلوني إلى أن المنتدى يمثل حالة فكرية يلتقي حولها السواد الأعظم من المسلمين الذين لا يتحيزون لفكرة دون أخرى، مثلما يوجه توجهاً نبيلاً يسترشد به كل من يريد الخير للبشرية جمعاء، وعليه فإن المنتدى وهو يضع إمكاناته كافة في سبيل دفع المصالحات الشاملة بين مكونات الأمة ومن أجلها ليستنهض الهمم في الأمة وعند كل فرد، حتى تعود الأمة، ونعود نحن معها، المكانة التي نستحق بين الأمم والشعوب، فأمةٌ كانت حاضرة في المشهد الإنساني لقرون طويلة لا ينبغي لنجمها بالأُفول بسبب تشدد أو تطرف من هذا التيار الفكري أو ذاك، ومن هنا فإن مهمة المنتدى هي إيجاد التوازن بين التيارات كافة، للخروج بالمعادلة الوسط التي تحافظ على وجود الأمة وتركز كل مكوناتها وقواها لإستعادة هيبتها كشكل حضاري إنساني متجدد. 

وعن هيئة شباب الوسطية قال الفاعوري أنها تهدف إلى صياغة وإعداد الشباب بشكل متوازن ودعم إبداعاتهم وطاقاتهم وغرس قيم المواطنة والوسطية والإنتماء المستمدة من روح الإسلام العظيم، ورؤيتها بناء الفكر المتوازن المعتدل، وترسيخ المنهج النبوي في عقول الشباب وفهم الإسلام ديناً وحضارة، وتعميم الهوية الفكرية والثقافية لإنسانية الإسلام لدى شباب الأمة، وبث روح التسامح والحوار الإنساني وغرس قيم الوسطية والإعتدال بكل صوره ومفرداته، ورسالتها بناء جيل من الشباب الواعي بهموم الأمة، الساعي للنهوض الحضاري، وإبراز صورة الإسلام الحقيقية فكراً وثقافةً وسلوكاً، وتأصيل منهج الوسطية والإعتدال في حياة الشباب.

وعن المركز القرآني أكد الفاعوري وجد من أجل بناء جيل قرآني فريد، وغرس منهج القرآن في حياة الأمة، والإعتزاز به فكراً واعتقاداً وسلوكاً، ولبناء الهوية الإسلامية من خلال ربط المسلم بدينه وعقيدته السمحة، أُنشئ المركز القرآني ليكون حاضناً لتحفيظ كتاب الله ونشر الثقافة القرآنية في كافة أرجاء الوطن وتعزيزها لدى الشباب ذكوراً وإناثاً، وكافة الفئات العمرية لإيجاد جيل إيماني يؤمن بالقيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية، ويساهم في نهضة أمته واستقرارها، والقيام بمهمته على أكمل الصور من خلال تنظيم المسابقات الوطنية والدولية في حفظ القرآن وإصدار الكتب والنشرات التوعوية الثقافية بمفردات كتاب الله وتكريم حفاظ القرآن.

وحول قطاع المرأة لفت الفاعوري أنه من أجل تعزيز نهج الوسطية والإعتدال لدى المرأة، تم تشكيل لجنة دائمة للمرأة تُعنى بقضاياها بشكل خاص والقضايا العامة الأخرى من خلال فهم متوازن للإسلام يرتكز على الأصل ويرتبط بالعصر، ويسهم في مسيرة النهوض بالأمة نحو معارج التقدم والإزدهار، ومن هنا ومن فهم عميق بأن المجتمع الذي يهمش دور المرأة هو مجتمع أعرج يسير على رجل واحدة، لهذا فإن لجنة المرأة في المنتدى عملت على تعزيز حضور المرأة في المجتمع وتفعيل دورها الطليعي والمتوازي مع الرجل في خدمة الفكر والثقافة والأبعاد الحياتية الأخرى.