يحلم الأطفال عادةً بالسفر برفقة أهلهم في رحلة خارج نطاق المكان الذي اعتادوا عليه، ولكن رحلة أطفال ” عفرين ” و ” الغوطة الشرقية ” بصحبة عائلاتهم مختلفة؛ فهي رحلة الرحيل إلى أجل غير مسمى، وترك الصحبة والجمع إلى الشتات والحنين المقيم للأرض والأهل.

كان الأب السوري يحمل طفله فوق كتفيه، قبل أعوام، للذهاب إلى أحد المحال القريبة من منزلهم؛ فيشتري له قطعًا من الحلوى ويعود والطفل سعيدًا؛ هابطًا من فوق أكتاف والده جريًا إلى أطفال جيرانه ليواصل لعبه معهم.

لم يدرِ أيًا منهما أن القدر يحمل لهما أحداثًا مغايرة؛ فيتبدل الحال ويتهدم الشارع وتسقط بيوت الجيران، ويتفرق الجمع، ويجبر الجميع إلى الفرار إلى المجهول.

حمل الأب أحد صغاره في حقيبة سفر بالكاد تسعه؛ لعلها تنقذه من ويلات الحرب ومن ألسنة اللهب التي لا يستحقها ذاك الصغير، الذي ما اقترف ذنبًا سوى أنه ولد بمكان قُدِّر له أن يكون محل نزاع وطمع من الكثيرين، قُدِّر له أن يولد بسوريا.

أجبر الأهالي على أخذ أقل القليل من متاعهم عند مغادرة منازلهم، ولكن تلك الصغيرة تشبثت بدميتها، رفيقة طفولتها، وربما تكون آخر ما تبقى لها من هذا المكان الذي ستغادره على الفور، لأمر لا تعلمه، ولكنها وجدت أبيها وأمها يجهزون حقائبهم ويحملونها للرحيل.

وفي نفس الجانب، تشير تقارير الأمم المتحدة إلى نزوح أكثر من 48 ألفًا من منطقة عفرين الشمالية بسبب المعارك الدائرة هناك، كما غادر ما يتراوح بين 12- 16 ألف شخص الغوطة الشرقية في الأيام القليلة الماضية.