سلط الكاتب الجزائري خالد عمر بن ققة الضوء في مقال له على العلاقات السعودية- الإماراتية ، مؤكدًا أنهما يمثلان النموذج الحي والشاهد الثري على نمو وازدهار العلاقات البينيّة العربية، في الوقت الذي تشهد فيه الدول العربية الأخرى خلافات.

وذكر الكاتب في مقاله المنشور بصحيفة ” العرب ” قائلًا: ” يرى بعض المراقبين أن العلاقات بين الدولتين تمثل ضمانة قوية للأمن الخليجي ببعديه المحلي والإقليمي أولا، وللأمن العربي بوجه عام ثانيًا؛ ناهيك عن أنها تقدم صورة إيجابية عن العرب تجاه العالم، لجهة أنها تطرح أفكارا بناءة، تجاه مجمل قضايا المنطقة “.

وقال : ” العلاقات بين الدولتين تكشف عن التعامل الواعي مع التحديات التي تواجهها المنطقة؛ وفي مقدمتها التصدي لخطر التطرف والإرهاب، والقوى والأطراف الداعمة لهما، وأيضا مواجهة التدخلات الخارجية في دول المنطقة، ومع ذلك ستبقى أمام امتحان عسير يثبت استمراريتها من عدمها متأثّرة بالتطورات الحاصلة ” .
واستطرد قائلا: ” ومن هنا يطرح السؤال الآتي: هل العلاقات بين السعودية والإمارات استراتيجية دائمة أم مجرد تكتيكي مرحلي اقتضته الظروف الراهنة؟ “.

واستكمل: ” إذا أخذنا بالشواهد والمعطيات والمواقف، فإننا ننتهي إلى نتيجة مفادها، أن العلاقات بين الدولتين تحمل أبعادا استراتيجة طويلة المدى، فالاشتراك في عاصفة الحزم مثلا يصنف ضمن الرؤية الاستراتيجة القائمة على الشراكة بين الدولتين، ذلك لأن الأمر لا يتعلق فقط بقرار الحرب، أو شنها، ولكن يتعداه إلى النتائج المترتبة عليه لسنوات عديدة مقبلة، صحيح أن هناك دولا أخرى شريكة في عاصفة الحزم، لكن التنسيق والتعاون بين السعودية والإمارات يبدو الأكثر فاعلية، إلى درجة تتجاوز العلاقات بينهما مستوى التحالف والتعاون إلى تحقيق نوع من الوحدة غير المعلنة بينهما بشكل لم نعهده في العلاقات البينية العربية، وهي إذا تم الاحتكام إليها مستقبلا ستكون محرجة للدول العربية الأخرى، لأنه من الصعب الوصول إليها “.

واستدرج قائلا : ” الواقع أن التنسيق بين الدولتين في المواقف الثنائية حظي، كما هو ظاهر، بـتأييد شعبي، جعل من الجبهة الداخلية في البلدين داعمة لصانع القرار، والمتابع لردود الأفعال المجتمعية، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي تتكشّف لديه درجة الدعم التي يحظى بها القادة في الدولتين، صحيح أن الخطاب الإعلامي مؤثر في تقديم صورة إيجابية، وهي فعلا كذلك، على كل قرار مشترك يتم اتِّخاذه حتى لو كان محفوفا بمخاطر، أو أن هناك تخوفا من نتائجه المستقبلية، لكن مستوى التفاعل مع القرارات، صُنْعا وتنفيذا، حوّل الإعلام إلى تابع، مما حال دون صناعته للحدث، ليس لأن سقف الحرية محدود ولكن لأن الرأي العام في البلدين أصبح مدركا لتداعيات القرارات والمواقف، خاصة بعد الحرب في اليمن “.

وأضاف : ” العلاقات السعودية ـ الإماراتية الراهنة تأسست على تجربة الماضي سواء المتعلقة بالعوامل المساعدة على تطورها وازدهارها، أو التي كشفت عن خلافات سابقة حول قضايا بعينها، منها ذات الصلة بموضوع الحدود مثلا، والاستفادة من التجربة التاريخية هي التي عمقت اليوم مقومات السياسة والاقتصاد والثقافة والأمن، ناهيك عن الدفاع، بل والذهاب بعيدا في محاربة الإرهاب، من ذلك دعم قوات الساحل الأفريقية “.

وأنهى الكاتب المقال قائلا :” كل المجالات السابقة تكشف عنها الأرقام والإحصائيات المنشورة في البلدين، غير أن هذه العلاقات السويّة والنّاضجة والواعدة لم تُلغ خصوصيّة اتخاذ القرار، خاصة في الشؤون الداخلية للدولتين، ما يعني أن التعاون والتحالف بل والشراكة في مواقف بعينها يحميها التخطيط لمواجهة الأخطار المحدقة بالدولتين وبالمنطقة وبالأمة، وهذا أصبح واضحا للجميع “.