أكدت منظمة الحساسية العالمية WAO ، خلال دراسات أحصائية على زيادة نسبة الأطفال الذين يعانون من الحساسية الغذائية في العالم بنسبة 50% بين عامي 1997 و2011 .

حيث وصلت نسبة الأطفال الذين يعانون من أمراض حساسية غذائية، إلى 10% من أطفال العالم، وحوالي ثلث هؤلاء مصابون بحساسية من الأطعمة المتعددة .

وفي السنوات الأخيرة، حفلت عناوين الصحف حول العالم بقصص مروعة عن أطفال يسقطون صرعى فجأة بحالات الحساسية، من جراء مكونات يتصادف تناولها في عناصر غير ضارة مثل السندويتشات والكعك.

ومما لا شك فيه أن معدلات مخاطر النهايات المأساوية للأطفال أصبحت أعلى مع زيادة عدد الأطفال الذين يعانون من الحساسية.

ويسود اعتقاد أن الحساسية مرتبطة بالطريقة التي تطور بها الجهاز المناعي لدى الإنسان، وذلك على الرغم من أن أسبابها الدقيقة غامضة إلى حد ما.

ويعكف العلماء على بحث ودراسة عدة فرضيات حول لماذا وكيف تحدث الحساسية، ويميل العلماء إلى الاعتقاد بأن الإفراط في نظافة الأطفال هو أحد الأسباب الرئيسية.

كيف يصاب الطفل بالحساسية؟

إن الحساسية، سواء كانت متعلقة بما يتم تناوله من أطعمة مثل فول سوداني أو موز أو سمسم أو شيكولاته أو بسبب حبوب اللقاح أو العفن أو الأتربة أو مواد أخرى، هي في الحقيقة مجرد أحد أنواع الضعف في الجهاز المناعي.

يحصل الأطفال على الدفعة الأولى من الأجسام المضادة، التي تكافح العدوى، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من حمل الأمهات.

وتكون هذه الأجسام المضادة مدربة مسبقا لتحديد ومهاجمة مسببات الأمراض. ولكن مع نمو الأطفال، فإنهم يستمرون في التعرض لمزيد من العدوى ومسببات الأمراض التي تغزو أجسادهم.

إن التعرض الأول لطعام أو مادة ما ربما يجعل الطفل مريضًا، ولكن جهاز المناعة لدى الطفل يتعلم كيف يحارب كل ما هو مرض أو مسبب للمرض، ويطور أسلحة مناعية مضادة لما يصيبه من مرض، وعندما يصاب به مرة أخرى، فإن جهازه المناعي يتصدى له بالمضاد المناسب.

ولكن يحدث في بعض الحالات أن يخطئ الجهاز المناعي للطفل في التعرف على المواد غير الضارة، مثل الفول السوداني أو حبوب اللقاح، ويدرجها كمسببات أمراض، ويبني الأجسام المضادة التي ستشن هجوماً مضاداً في أي وقت يتفاعل فيه مع هذه المواد رغم أنها غير ضارة بالأساس.

وعند تنبيه النظام المناعي للجسم بوجود مادة تحتاج إلى إبعادها، تقوم خلايا الدم البيضاء في الجسم بشن هجوم يمكن أن يتراوح من تهيج خفيف في شكل حكة وعطاس وسيلان الأنف، إلى حد الحساسية المفرطة.

نصائح وآراء
وضع العلماء والأطباء بضعة نظريات مبدئية تتناول سبب تزايد معدلات إصابة الأطفال بأمراض الحساسية، وتهدف هذه النظريات إلى تسليط الضوء وفتح الأبواب أمام وسائل الحد من حالات الإصابة بأمراض الحساسية.

بالعودة أولا إلى عام 2000، وضعت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال توجيهات تطلب من جميع الأطباء والآباء إبقاء الأطفال بعيداً عن منتجات ألبان البقر للسنة الأولى من حياتهم، وعدم تناول البيض حتى عامهم الثاني، وإرجاء تناول الفول السوداني والأسماك والمكسرات إلى ما بعد سن الثالثة.

ثم اتضح فيما بعد أن تلك النصائح كانت مبنية على آراء الكثير من الأطباء، الذين يعتبرون قمماً في تخصصاتهم، ولكن لم يكن يدعم تلك الآراء الكثير من الأبحاث العلمية.

تشكيك وتصحيح
ويشكك الخبراء حاليا في هذه المحاولات لحماية الأطفال من الأطعمة المسببة للحساسية والسموم البيئية، ويرون أنه ربما تكون الملوثات هي السبب الوحيد وراء الزيادات في الحساسية.

ويرى الخبراء أن التوجه الصحيح هو أنه يجب أن يتعرض الطفل، في الأساس، لأشياء من بيئته، لكي يتعرف جسمه على ما هو خطر، وما لا يضر. ولكي يتعلم جسمه كيف يقاتل عندما يواجه كائنا يسبب المرض، وكيف يغمد سلاح جهازه المناعي، عندما يكون التنبيه غير ضروري.